94

Halgan Tiba

كفاح طيبة

Noocyada

وبدا الإنكار على وجه حور، ولكن أحمس بادر الرسول قائلا: ستراها بنفسك.

فأشار الزعيم إلى الصندوق العاجي الذي يحمله تابعاه وقال: وهذا الصندوق يحوي بعض ثيابها، فهل تأذن لنا في تركه في حجرتها؟

فسكت الملك هنيهة ثم قال: لك هذا.

ولكن حور مال إلى مولاه وهمس قائلا: ينبغي أن نفحص الثياب أولا.

فوافق الملك على رأي حاجبه، وأمر الحاجب بوضع الصندوق بين يدي الملك، ثم فتحه بيديه وأخرج ما به من الثياب ثوبا ثوبا، وعثر بحق صغير فأمسك به وفتحه فإذا ما به عقد ذو قلب زمردي، وارتعد قلب الملك لمرآه: وذكر كيف انتقته الأميرة من بين لآلئه يوم كان يدعى إسفينيس ويبيع اللآلئ فتورد وجهه، أما حور فقال: هل السجن مكان صالح للزينة؟!

فقال الرسول: هذا العقد حلية الأميرة المفضلة لديها، فإن شاء القائد أبقيناه، وإلا أخذناه معنا.

فقال أحمس: لا بأس بإبقائه.

ثم التفت الملك إلى الضباط وأمرهم باصطحاب الرسل إلى مخدع الأميرة، ومضت الرسل ومضى الضباط في إثرهما.

19

وفي ذات المساء لحقت بالجيش قوات آتية من الجنوب من مدربي أبولينوبوليس وهيراكونبوليس، ورست في ميناء طيبة سفن صغيرة محملة بالأسلحة وقباب الحصار موجهة من أمبوس، وبشر ربانها الملك بأنه عما قريب تصله قوة من العجلات والفرسان المدربين. وانضم إلى الجيش رجال من طيبة وهابو فاعتاض جيش أحمس عما فقده من الرجال وأربى عدده على اليوم الذي اخترق الحدود غازيا، ولم ير الملك داعيا إلى البقاء في طيبة أكثر مما بقي؛ فأمر قواده بالاستعداد للزحف شمالا فجر الغد، وتودع الجنود من طيبة وأهلها، وتحولوا عن اللهو والدعة لاستقبال الكفاح والجلاد، وعند مطلع الفجر نفخ الجنود في الأبواق فتحرك الجيش العرمرم صفوفا كأمواج البحر، تتقدمه الطلائع ويسير في مقدمته الملك وحرسه، وفرقة العجلات تتبعها الفرق الأخرى، وأقلع الأسطول بقيادة أحمس إبانا يشق مياه النيل بوحداته القوية، تواثبوا جميعا للقتال، وشحذ النصر إرادتهم فجعلها كالحديد أو أشد صلابة، واستقبل الجيش في القرى بحماسة دافقة، وهرع الفلاحون إلى طريقه هاتفين يلوحون بالأعلام وسعف النخل، واجتاز سبيله آمنا فأضحى في شنهور ودخلها بغير مقاومة، ثم أمسى في قسي ففتحت له أبوابها وباتوا جميعا في قسي، واستأنفوا المسير مع الفجر، وجدوا في سيرهم حتى شارفوا ميدان كبتوس، ولاح لهم الوادي الذي ينتهي بالمدينة، وهنا شمل الجيش صمت حزين وطافت الذكريات بالرءوس، وذكر أحمس الهزيمة التي حلت بجيش طيبة في هذا الوادي لعشرة أعوام خلت أو يزيد، وذكر مصرع جده الباسل سيكننرع الذي ارتوت هذه الأرض بدمه، وحار بصره في جنبات الميدان وهو يتساءل: ترى في أي مكان سقط، ولاحت منه التفاتة نحو حور، فرأى وجهه ممتقعا وعينيه مغرورقتين بالدموع، فاشتد به التأثر وقال له: يا للذكرى المؤلمة!

Bog aan la aqoon