Khuraafaad: Hordhac Kooban
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
وقال الله: «لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد، ولتظهر اليابسة.» وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضا، ومجتمع المياه دعاه بحارا. ورأى الله ذلك أنه حسن. (سفر التكوين 1 : 9-10 [النسخة القياسية المراجعة])
وقال الله: «لتفض المياه زحافات ذات نفس حية، وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء.» فخلق الله التنانين العظام، وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها، وكل طائر ذي جناح كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن. (سفر التكوين 1 : 20-21)
وقال الله: «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض.» فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم: «أثمروا وأكثروا واملئوا الأرض، وأخضعوها» ... ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدا. (سفر التكوين 1 : 26-31)
تتناسب نظرية تايلور مع عناصر العالم تلك التي لم تخلق وفق نظام محدد مرة واحدة إلى الأبد، مثل اليابسة والبحار، فضلا عن الظواهر المتكررة مثل الأمطار، وتحولات الفصول، و(في قصة نوح) قوس قزح. يتناول سفر التكوين، الإصحاح الأول، العديد من الظواهر المتكررة مثل الليل والنهار، والشمس والقمر، وجميع الكائنات الحية. في مقابل ذلك، تتطلب نظرية تايلور وقوع الظواهر المتكررة استنادا إلى القرارات المتكررة للآلهة. ووفقا لتايلور، يمثل الآلهة للعالم المادي ما يمثله البشر للعالم الاجتماعي؛ إذ يتخذون قرارا جديدا في كل مرة يفعلون الشيء نفسه. ومن وجهة نظره، لا يخلق الآلهة الأشياء التي تظل للأبد، على النقيض مما يراه منظرون من أمثال برونيسلاف مالينوفسكي وإلياد.
ماذا عن الظواهر التي لم يشهدها أحد على الإطلاق، مثل وحوش البحر؟ كيف تصلح الأسطورة للتعبير عنها؟ تتمثل إجابة تايلور السهلة في أن واضعي سفر التكوين افترضوا مشاهدة أحد لها. ولن تختلف وحوش البحر في هذه الحالة عن الأطباق الطائرة المجهولة.
حتى في حال توافق نظرية تايلور مع عملية الخلق توافقا محكما في سفر التكوين، الإصحاح الأول، سيقع جانب كبير من الأسطورة خارج نطاق النظرية. فلا تقتصر النظرية على تفسير عملية الخلق فحسب، بل إنها تجري عملية تقييم لها، واصفة إياها بالحسنة بصورة دائمة. ونظرا لأن تايلور يصر على إجراء مقارنة بين الأسطورة والعلم، لا يدع أي مجال في الأسطورة للأخلاق، والدليل على ذلك معارضته للرمزيين الأخلاقيين. ويرى تايلور أن سفر التكوين، الإصحاح الأول، يجب أن يفسر قصة الخلق، لا أن يقيمها. وبالمثل، لا تقتصر قصة الخلق على تفسير قصة خلق البشر، بل ترتقي بهم إلى مصاف تعلو مراتب كافة الخلق، مانحة إياهم الحق والمسئولية في آن واحد في الإشراف على العالم المادي. إضافة إلى ذلك، إذا كانت «صورة» الله التي على مثالها خلق البشر أكثر من مجرد صورة تشريحية، فسنجد قصورا هنا أيضا في نظرية تايلور.
أخيرا، في حال نجاح نظرية تايلور، ماذا ستكشف عنه؟ إن التوافق بين نظرية ما وأسطورة بعينها أمر يختلف عن أن تفسر النظرية أية أسطورة تتوافق معها. فعلام تدلنا نظرية تايلور التي لولاها ما عرفنا ما سنعرفه منها؟ إحقاقا للحق، لم يستطع أحد سؤال تايلور عن «معنى» الأسطورة؛ إذ إن تايلور يتشبث بموقفه بتفسير الأسطورة تفسيرا حرفيا. بعبارة أخرى، تعني الأسطورة بالنسبة له ما تنص عليه. ويتمثل إسهام تايلور فيما يتعلق بالأسطورة في أصل ووظيفة الأسطورة. ومثلما يؤكد تايلور، لم ينشأ سفر التكوين، الإصحاح الأول، من تخمينات جامحة إزاء العالم، بل من ملاحظات منتظمة لعمليات طبيعية متكررة، وإن كانت مدهشة، تستدعي التفسير. وفيما بين مؤيدي نظرية الخلق، هناك جمهور يطري على نظرية تايلور - ليس لأنه يعتبر سفر التكوين، الإصحاح الأول، هو الرواية الصحيحة عن أصل العالم، بل لأنه يعتبره «رواية»؛ رواية دينية مميزة. ويطرح تايلور تصحيحا لعلماء اللاهوت في القرن العشرين الذين، بإصرارهم على جعل الكتاب المقدس كتابا مستساغا للحداثيين، يرون أن سفر التكوين، الإصحاح الأول، لا يعبر بأي صورة من الصور عن قصة الخلق، وهي رؤية تشبه وجهة نظر رودولف بولتمان حول العهد الجديد، كما سنرى في الفصل التالي.
جيه جي فريزر
لا تمثل رؤية تايلور سوى رؤية واحدة للعلاقة بين الأسطورة والعلم، أو بين الدين والعلم. وأقرب الرؤى إليها هي رؤية معاصره الرائد الأنثربولوجي جيه جي فريزر (1854-1941)، اسكتلندي المولد، ودارس الحضارة اليونانية والرومانية القديمة المنتسب إلى جامعة كامبريدج. يرى فريزر، وكذلك تايلور، أن الأسطورة جزء من الدين البدائي، كما يعتبر الدين البدائي جزءا من الفلسفة، التي تعد شاملة، والدين البدائي أيضا هو نظير للعلم الطبيعي الذي يعد حديثا في مجمله. ويرى كلاهما أيضا أنه لا يوجد توافق بين الدين البدائي والعلم؛ فيخطئ الدين البدائي والعلم يصيب. ولكن، بينما يمثل الدين البدائي عند تايلور، متضمنا الأسطورة، النظير المقابل ل «النظرية» العلمية، يمثل الدين البدائي عند فريزر النظير المقابل للعلم «التطبيقي»، أو التكنولوجيا. وبينما «يفسر» الدين البدائي في رأي تايلور الأحداث في العالم المادي، «يسبب» الدين البدائي الأحداث في منظور فريزر، خاصة نمو المحاصيل. وفيما يتعامل تايلور مع الأسطورة كنص مستقل، يربط فريزر الأسطورة بالطقوس التي تسببها.
يعتبر فريزر أسطورة أدونيس أحد الأمثلة الرئيسة على الأسطورة الأم من بين جميع الأساطير، وهي أسطورة كبير الآلهة، إله النبات. ويرى فريزر أنه كان من الممكن تمثيل أسطورة أدونيس، وذلك التمثيل الطقوسي كان يعتقد أنه سيحقق نجاحا باهرا في إحداث ما كان مرجوا منه. فكان من الممكن أن يؤدي تمثيل عودة أدونيس إلى عودته بالفعل، ومن ثم إعادة إنبات المحاصيل. كما أن الأسطورة لم يكن الهدف منها هو شرح سبب موت المحاصيل - فقد ماتت لأن أدونيس، عند نزوله إلى أرض الموتى، قد مات - بل استهدفت إحياء المحاصيل. ويعتقد فريزر أن الدرس المستفاد من هذه الأسطورة، وهو تجنب المجاعة، شديد العملية. أما عن تفسيره لأسطورة أدونيس، فسوف نوليه الدراسة بمزيد من التفاصيل في الفصل
Bog aan la aqoon