بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
Bogga 20
النظر الثالث في الخمس تعريف الخمس لغة وشرعا وهو لغة: رابع الكسور، وشرعا: اسم لحق في المال يجب للحجة عليه السلام وقبيله (1).
وجوب الخمس في غنائم الحرب (وهو واجب في غنائم دار الحرب) بالكتاب (2) والسنة (3) والاجماع، وظاهر الثلاثة (4) عدم الفرق بين أن يكون بعد إخراج المؤونة على التفصيل المذكور في الجهاد، وقد (حواها العسكر، أو لا) كالأرض ونحوها (ما لم يكن غصبا (5)) من محترم المال، فإن المغصوب مردود.
وإطلاق العبارة يشمل ما لو كان الغزو بغير إذن الإمام عليه السلام، وإن
Bogga 21
كان الكل حينئذ للإمام عليه السلام، إلا أنه لا ينافي وجوب الخمس فيه، كما صرح به في الروضة (1).
ويظهر من المنتهى، حيث قال في رد الشافعي - القائل بأن حكمها حكم الغنيمة مع الإذن مستدلا بالآية -: إن الآية غير دالة على مطلوبه، لأنها إنما تدل على وجوب إخراج الخمس لا على المالك (2).
لكن ظاهر كلام الباقي (3)، بل صريح بعضهم عدم وجوب الخمس.
حكم مال البغاة ويلحق بغنائم دار الحرب مال البغاة الذي (4) حواه العسكر بناء على قسمة ذلك - كما عن الأكثر -: لعموم الآية.
نعم في رواية أبي بصير: " كل شئ قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فإن لنا خمسه " (5) ولا دلالة فيها ظاهرة.
ما يؤخذ من الكفار بالغلبة وأما ما يؤخذ من الكفار غلبة (6)، فالظاهر أنه لا خمس فيه إلا من حيث الاكتساب، فيراعى فيه مؤونة السنة.
ولو كان القتال لغير الدعاء إلى الاسلام، ففي إلحاق المغنوم بما أخذ قهرا من غير قتال، أو بما اغتنم بالقتال غير المأذون، أو بالقتال المأذون، وجوه متدرجة في القوة.
Bogga 22
حكم مال الناصب وقد ورد في غير واحد من الأخبار (1) إباحة مال الناصب ووجوب الخمس فيه، ويظهر من الحدائق: اتفاق الطائفة المحقة على الحكم بجواز أخذ مال الناصب (2)، وهو بعيد. والظاهر من شرحي المفاتيح (3) والارشاد (4) - للمحققين البهبهاني والأردبيلي -: الاتفاق على الخلاف فيما ادعاه.
وأول الحلي (5) خبر (6) الجواز بالناصب للحرب للمسلمين، لا ناصب العداوة للشيعة، ولعله لعدم الخروج بها (7) عن الأصول والعمومات. وهو حسن.
خمس الأرض المفتوحة عنوة ثم إن مقتضى إطلاق العبارة وصريح غيرها - كظاهر الأدلة -: وجوب إخراج الخمس من الأراضي المفتوحة عنوة، وإن اختلف كلامهم في وجوب الاخراج من ارتفاعها كما عن التحرير (8) أو من عينها كما هو ظاهر الوسيلة (9) وعبارتي
Bogga 23
المبسوط (1) والسرائر (2)، أو يتخير بينهما كما في القواعد (3) والشرائع (4).
وأنكر ذلك كله في الحدائق (5)، محتجا بعدم الدليل، وبما يظهر من الأخبار الواردة في حكم أراضي الخراج، المصرح في بعضها بأنه: " ليس للإمام عليه السلام من ذلك قليل ولا كثير " (6) وكذلك خبر خصوص أرض خيبر (7).
فإن أراد عدم ثبوت الخمس في تلك الأراضي، بل وفي مطلق غير المنقول، فالظاهر أنه مخالف لفتوى الأصحاب وظاهر الأدلة، مثل الآية ورواية أبي بصير المتقدمة (8).
وإن أراد العفو عنه في ضمن عفوهم عليهم السلام عن جميع ما لهم في الأراضي - كما سيجئ في الأنفال من الروايات العامة (9) في تحليل حقوقهم مما في أيدي الشيعة من الأراضي - فله وجه، ويؤيده: خلو كلماتهم في باب إحياء الموات عن وجوب إخراج الخمس من ارتفاع هذه الأراضي، عدا
Bogga 24
ما حكي عن التحرير (1).
لكن الظاهر - كما قيل - إنهم اعتمدوا في ذلك على ما ذكروه في باب الخمس والجهاد، فليس في ذلك شهادة على السقوط، كما [أنه] ليس في خلو الأخبار شهادة على العفو والسقوط، فضلا عن عدم الثبوت، لاحتمال ابتناء ذلك على تعلق الخمس بعينها، فيكون النظر في تلك الأخبار إلى ما يبقى للمسلمين بعد إخراج الخمس، فتأمل.
وأما أخبار الأراضي، فلا يبعد دعوى اختصاصها بأراضي الأنفال.
ويتفرع على ما ذكر: جواز الحكم بملكية ما في يد المسلم من بعض تلك الأراضي، وإن علمنا بكونها محياة حال الفتح، لاحتمال انتقالها على وجه الخمس، أو لاحتمال بيع الإمام لها لمصلحة، كما صرح بذلك بعضهم في الأرض التي يشتريها الذمي من أراضي الخراج (2).
وجوب الخمس في المعادن (و) يجب الخمس أيضا (في المعادن) بالاجماع المحقق، والمستفيض من محكيه (3) كالأخبار (4) مضافا إلى عموم الكتاب بناء على أن " ما غنمتم " عام لكل ما استفيد واكتسب ولو قلنا بأن لفظ " الغنيمة " (5) منصرف إلى غنيمة دار الحرب.
ولعله لهذا اشتهر بين الأصحاب التمسك به لوجوب الخمس في مطلق
Bogga 25
المغنوم، بل نسب الاستدلال به (1) إلى الأصحاب كافة عدا شاذ، بل ادعى في الرياض (2) الاجماع على عموم الآية.
هذا، مضافا إلى الأخبار المستفيضة (3) المفسرة لها بالمعنى العام (4)، فتأمل بعض متأخري المتأخرين (5) في عمومها من جهة ظهور سياق الآية في الجهاد، في غير محله.
بيان المراد من المعدن وقد أختلف ظاهر عباراتهم في تفسير المعدن، ففي المسالك (6) والروضة (7): أنه كل ما استخرج من الأرض مما كان أصله منها ثم اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها.
وفي البيان: أنه ألحق به حجارة الرحى وكل أرض فيها خصوصية يعظم الانتفاع بها، كالنورة والمغرة (8).
ويشكل بمثل النفط وشبهه، وببعض أفراد الطين والحجر الذي يعظم
Bogga 26
الانتفاع بهما (1) مع بقاء صدق الأرض عليه، كحجارة النار والرحى وطين الغسل، فإن في صدق المعدن عليها في العرف خفاء، وإن عدها جماعة منه، كالشهيدين (2) وظاهر المحقق الثاني (3).
وقد عد البرام (4) في القواعد (5) والروضة (6) من المعادن الظاهرة في باب إحياء الموات، مع أن المحكي عن (7) المنتهى التصريح بأن المعدن ما كان في الأرض من غير جنسها (8).
وعرفه في موضع آخر منه - كما عن التذكرة (9) - بأنه ما استخرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما كان له قيمة (10)، مدعيا - في صريح محكي الثاني وظاهر الأول - أنه قول علمائنا أجمع.
ومثلهما المحكي عن نهاية ابن الأثير (11) والأزهري (12)، وعن القاموس:
Bogga 27
إن المعدن - كمجلس - منبت الجواهر من ذهب ونحوه (1).
وكيف كان، فلا إشكال فيما ذكره المصنف رحمه الله - تمثيلا - بقوله:
(كالذهب والفضة والرصاص والياقوت والزبرجد والكحل والعنبر) على بعض تفاسيره (والقير والنفط والكبريت).
ووجوب الخمس في الأربعة الأخيرة) منصوص (2) بزيادة الملح، وما عداها لا إشكال في إطلاق اسم المعدن عليه، فيبقى الاشكال في الأمور المتقدمة وفي مثل المغرة والنورة والجص.
وعن الشيخ (3): الجزم باندراجها في المعادن، وعن الحلي (4) عد المغرة والنورة، والاعتراض على الشيخ في الجمل (5) حيث حصر المعدن في خمسة وعشرين ولم يعدهما.
واعتذر عنه المصنف قدس سره في المختلف (6) بأنه لم يقصد بذلك الحصر، بل عد أغلب المعادن، وتوقف في جميع هذه جماعة من متأخري المتأخرين (7).
Bogga 28
ويمكن الاحتجاج للأولين بصحيحة ابن مسلم، قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن الملاحة، فقال: وما الملاحة؟ فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء، فيصير ملحا، فقال: هذا مثل المعدن، فيه الخمس، فقلت:
فالكبريت والنفط يخرج من الأرض؟ فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس " (1).
بناء على أن مماثلة الأجزاء الملحية من الأرض للمعدن ليس بأوضح من مماثلة المغرة والنورة وطين الغسل والجص، فتأمل.
وفي رواية الشيخ بدل قوله: " هذا مثل المعدن " قوله: " هذا المعدن فيه الخمس " (2) ولعل دلالته حينئذ أوضح، فتأمل.
ومورد الاشكال في هذه الأمور: وجوب الخمس من حيث المعدنية - ليراعى (3) فيه النصاب ولا يراعى فيه مؤونة السنة - أو من حيث الاكتساب - فيعكس (4) المراعاة -، وإلا فلا إشكال في أصل الوجوب في الجملة.
ومقتضى عمومات الوجوب في الصنائع والاكتساب بعد مؤونة السنة السليمة في المقام عن معارضة ما دل على أحكام المعدن، هو الأخير.
نعم، لو صدق الركاز على مطلق ما ركز في الأرض مما امتاز منها في الجملة، أمكن التمسك له بصحيحة زرارة، قال: " سألته عن المعادن ما فيها؟
Bogga 29
قال: كل ما كان ركازا ففيه الخمس " (1).
وقد يستشكل بأن العبرة في الاشتمال على خصوصية توجب عظم الانتفاع - بناء على ما تقدم عن البيان والمسالك (2) - إن كان قبل العلاج، فلا ريب أن الحجارة التي يحصل منها النورة بالاحراق ليس فيها خصوصية وإن كان بعده، فيدخل ما يصنع من الطين بعد الطبخ، مثل التربة الحسينية المطبوخة، وظروف الخزف، سيما المعروف منها بالصيني، فالخصوصية الموجودة في حجارة النورة ليست بأزيد من الموجودة في الطين القابل لجعله من ظروف الخزف - سيما الصيني وشبهه - والسبخات الرفيعة.
بل يشكل [الفرق] بين الطين الخاص التي يعمل منها (3) هذه الأمور وشبهها وبين الجص الغير المطبوخ، ولعله لذا قيل: إن لوجوب الخمس فيها يحتاج إلى عمل من التراب كالتربة الحسينية والظروف وآلاف البناء وجها (4).
حكم ما وجد من جنس المعدن في الصحراء وكيف كان، فظاه الأدلة اختصاص الخمس بالمعدن المستخرج من مأخذه، فلو وجد شئ منه مطروحا في الصحراء فأخذه فلا خمس فيه، على ما جزم به بعض (5).
Bogga 30
وقد يشكل الفرق بينه وبين (1) ما صرح به المصنف (2) والشهيد (3) من أن ما يخرجه الانسان من المعدن في ملك غيره، فهو للمالك وعليه الخمس، وليس للمخرج، وحمله على كون المخرج أجيرا ونحوه، خلاف الظاهر.
وقد صرح غير واحد (4) بوجوب الخمس في العنبر المأخوذ من وجه الماء أو من الساحل، والظاهر أن وجه الماء ليس معدنا للعنبر. نعم، نازعهم المحقق الأردبيلي رحمه الله في ذلك تفريعا على ما اعترف به من أن المتبادر من المعدن ما استخرج من معدنه، قال: إلا أن يكون معدن العنبر وجه الماء (5).
الخمس بعد إخراج مؤونة التحصيل اعتبار النصاب وتحديده وكيف كان، فإنما يجب الخمس (بعد) إخراج (المؤونة) لتحصيلها مصفاة، إجماعا، نصا وفتوى (وبلوغ) الباقي النصاب، وفاقا لجمهور المتأخرين، للأصل، ولصحيحة البزنطي عن مولانا الرضا عليه السلام قال:
" سألته عما أخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ؟ (6) قال عليه السلام: ليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة (عشرين دينارا) " (7).
خلافا للمحكي عن كثير من القدماء (8) فلم يعتبروا نصابا، بل عن
Bogga 31
الخلاف (1) والغنية (2) والسرائر (3): دعوى الاجماع عليه، للاطلاقات اللازم تقييدها بالصحيحة، أو الموهونة بها، كوهن دعوى الاجماع باشتهار الخلاف بين المتأخرين، فلا محيص عن الرجوع إلى الأصل.
وعن الحلبي والصدوق: اعتبار بلوغ دينار (4)، وهو شاذ، ومستنده محمول - عند جماعة (5) - على الاستحباب.
وهل يجزي بلوغ قيمته مائتي درهم، أم لا بد من بلوغه عشرين دينارا؟ قولان، منشؤهما: ظهور قوله عليه السلام: " ما يجب في مثله الزكاة " (6) في الأول، وظهور الاقتصار - في بيانه - على عشرين دينارا، مع أن الأصل في نصاب الزكاة الدراهم، واعتبر بالدنانير لأنها عدل الدراهم - كما في غير واحد من الأخبار - في الثاني.
فيدور الأمر بين حمل الموصول على المقدار من جنس الدينار، وبين حمل العشرين دينارا على مجرد المثال، فيراد من الموصول: المقدار من مطلق النقد، ولعل الأول أولى، مع أنه أوفق بالأصل، وإن كان الثاني أوفق
Bogga 32
بالاطلاقات.
وظاهر الصحيحة (1): اعتبار النصاب بعد المؤونة كما صرح به جماعة، بل نسبه في المسالك إلى ظاهر الأصحاب (2)، وعن الرياض: ظهور الاجماع عليه (3)، لأنها تدل على ثبوت الخمس في مجموع النصاب، فلو اعتبر قبل إخراج المؤونة، لم يكن الخمس في مجموعه، بل في الباقي منه بعد المؤونة، خلافا لصاحب المدارك (4) وبعض مشايخنا المعاصرين (5) فاعتبراه قبله، اقتصارا على المتيقن في الخروج عن الاطلاقات، وهو ضعيف (6).
وهل تعتبر وحدة الاخراج؟
وهل يعتبر وحدة الاخراج - ولو عرفا - في بلوغ مخرج النصاب أم يجب فيما بلغه ولو بإخراجات متعددة مفصولة ولو بتخلل الأعراض في الأثناء قولان: من إطلاق الصحيحة (7)، ومن دعوى انصرافها إلى الاخراج الواحد أو الاخراجات المتحدة عرفا.
هل تعتبر وحدة الاخراج؟
وعليهما يبتنى الخلاف في اعتبار اتحاد النوع في بلوغ النصاب وعدمه، وظاهر البيان (8) وحاشية الشرائع (9) التوقف هنا.
هل تعتبر وحدة المخرج؟
Bogga 33
هل تعتبر وحدة المخرج؟
ولو اشترك جماعة في استخراج المعدن، فصريح جماعة اعتبار بلوغ نصيب كل واحد النصاب، وظاهر الصحيحة كفاية بلوغ المجموع، كما اعترف به في البيان (1) إلا أن يقال: إن ما يجب في مثله (2) الزكاة هو عشرون دينارا لمالك واحد، وفيه نظر.
نعم، ظاهر أدلة وجوب الخمس في المعدن: استقلال الأشخاص في التكليف، فإذا قيد المعدن بما بلغ النصاب فيرجع إلى أنه يجب على كل أحد إخراج الخمس مما استخرجه إذا بلغ النصاب.
العبرة بقيمة يوم الاخراج ثم إن العبرة في النصاب بقيمة يوم الاخراج، لأنه الظاهر، فما عن الشهيد (3) من الاجتزاء بالقيمة التي كان النصاب عليها في صدر الاسلام، ضعيف جدا.
ثم إن المعدن إذا كان في المباح، فالخمس لأهله والباقي لواجده، وإن وجد في ملك (4) فهو لمالكه (5) وعليه الخمس (6) وليس له حينئذ وضع مؤونة الاخراج.
حكم المعدن في أراضي الأنفال والظاهر أن الموجود في أراضي (7) الأنفال - مع عدم تملكها بالاحياء -
Bogga 34
يملكه الواجد، مع احتمال عدم تملك المخالف أو الكافر له، لما دل على " أن أموالنا لشيعتنا، وليس لعدونا منه شئ " (1).
حكم المعدن في المفتوحة عنوة وأما الموجود في الأرض المفتوحة (2) عنوة، فالظاهر أنه للمسلمين.
لا كأصل الأرض، بل كسائر المباحات لهم، ويحتمل الإباحة وكون الناس شرعا فيها (3) سواء.
تعلق خمس المعدن بالعين والظاهر تعلق خمس المعدن بعينه (4) على ما يظهر من كثير من كلماتهم، بل عن ظاهر المنتهى (5) عدم الخلاف، وتبعه في الغنائم (6)، لظهور الأدلة في ذلك من الكتاب (7) والسنة (8)، بل هو ظاهر لفظ الخمس، لكن الظاهر [جواز] (9) دفع القيمة لما سيجئ (10)، ولذا قال في التحرير (11) والمنتهى (12)
Bogga 35
- على ما حكي -: لو باع الواجد جميع المعدن فالخمس عليه وإن قوى (1) في محكي مجمع الفائدة (2) العدم، لظهور الأدلة في ذلك، وإن قياسه على الزكاة في جواز الضمان فاسد. ومال إلى ذلك أيضا في المناهل (3) إذا لم يترتب على الاخراج من العين ضرر (4).
عدم الفرق في الخمس بين المسلم والذمي ولا فرق في ثبوت الخمس بين المسلم والذمي سواء منعناه من العمل في المعدن - كما عن الشيخ (5) - أم لا، لعدم الدليل عليه، إلا ما يظهر من الأدلة في أرض المسلمين (6)، ولا بين الحر والعبد، وإن كان ما يخرجه غير (7) المكاتب لسيده، ولا بين الكبير والصغير، لأنه أهل للاكتساب.
أول وقت الخمس بعد التصفية ولا يعتبر فيه حول، ولا يخرج منه مؤونة غير مؤونة التحصيل.
والظاهر: أن أول وقته بعد التصفية، فيما يحتاج إليها، لظاهر صحيحة زرارة: " ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج الله سبحانه منه، من حجارته (8)
Bogga 36
مصفى الخمس " (1).
وفي فورية الاخراج ما تقدم في الزكاة (2).
بيان حقيقة العنبر واعلم أنهم اختلفوا في حقيقة العنبر، فقيل: إنه نبات من البحر.
وقيل: إنه عين ماء البحر. وقيل: شئ يقذفه البحر إلى جزيرة، فلا يأكله حيوان إلا مات، ولا ينقره طائر إلا نصلت منقاره، ولا وضعت أظفاره [عليه] إلا نصلت (3)، وقيل: إنه روث دابة بحرية، وأنه شئ في البحر يأكله بعض دوابه لدسومته، فيقذفه رجيعا، فيطفو على وجه الماء، فيلقيه الريح إلى الساحل (4).
وجوب الخمس في العنبر ولا إشكال ولا خلاف - كما في المدارك (5) وعن الذخيرة (6) - في وجوب (7) الخمس فيه، لصحيحة الحلبي، قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر وغوص اللؤلؤ؟ فقال: عليه الخمس " (8).
اعتبار النصاب في العنبر وظاهرها عدم الفرق بين ما يؤخذ من الساحل، أو من البحر، أو من وجه الماء، أو من الجزيرة، إنما الاشكال في أنه يعتبر في نصاب الغوص أو نصاب المعدن، أو يفرق بين أفراده، أو لا يعتبر فيه نصاب أصلا،
Bogga 37
بل يدخل في المكاسب، فيخرج منه مؤونة السنة أو لا يعتبر فيه ذلك أيضا، لاطلاق الصحيحة.
وربما يستظهر من وحدة السياق فيه وفي غوص البحر: اعتبار نصاب الغوص فيه، وفيه نظر.
وفي المسالك: أنه إن أخذ من تحت الماء فهو غوص، ولو أخذه من وجهه [مع بلوغ النصاب] (1) فمعدن (2)، ومع قصوره عنه فمكسب (3)، فيلحقه حكم ما ألحق به (4).
وهو حسن، مع عموم أدلة المعدن له، ولا يخلو عن نظر، إذ بعد تسليم صدق المعدن على العنبر قد عرفت التأمل من المحقق الأردبيلي (5) لأن الظاهر المتبادر: الشئ المأخوذ من معدنه (6)، إلا أن يقال: المتبادر، المأخوذ من مأخذه المعين الذي لا يسبقه (7) مأخذ آخر، لا المأخوذ من منبته (8).
فالأقوى أن غير المأخوذ من تحت الماء ليس غوصا قطعا، فيتردد بين عنوان المعدن وعنوان المكسب.
وظاهر الصحيحة وجوب الخمس فيه من حيث الخصوص، مع أن
Bogga 38
إطلاقه ينفي إخراج مؤونة السنة، واقترانه مع غوص اللؤلؤ يأبى تقييده بما بعد الاخراج، فينتفي احتمال دخوله في عنوان المكسب، ويتعين الأول.
وبعد ظهور الاجماع على حصر عنوانات الغنيمة في الأمور المعدودة (1) يتعين دخوله في المعدن، فيعتبر فيه نصابه وفاقا للمحكي (2) عن الأكثر.
والأحوط إخراج الخمس منها، وإن لم يبلغ نصابا، وأن لا يخرج منه إلا مؤونة التحصيل التي لا خلاف في اعتبارها.
وجوب الخمس في الكنز (و) يجب الخمس (في الكنوز) في الجملة بالأدلة الثلاثة.
وقد عرف جماعة (3) الكنز بأنه: المال المذخور تحت الأرض.
وزاد في المسالك (4) والروضة (5) قيد " القصد إلى الذخر " وأن للمختفي بنفسه حكم اللقطة.
وزاد بعضهم (6) قيد " كونه للادخار، لا لمجرد الحفظ في زمان قليل "، لكن في كشف الغطاء: أنه ما كان من النقدين مذخورا بنفسه أو بفعل فاعل (7).
وفي ما فيه من التخصيص والتعميم نظر، إلا أن يرجعا إلى الحكم دون
Bogga 39