Soo Koobidda Taariikhda Giriigga iyo Roomaanka
خلاصة تاريخ اليونان والرومان
Noocyada
فعاد داريوس وجمع جيشا بلغ نصف مليون من الرجال، وتقدم لملاقاة الإسكندر في إربلا سائرا في وسط جيوشه على مركبة عظيمة أشبه بعرش ماش يحيط به حرسه بالسلاح التام، فلما التقى الجيشان جرت واقعة شديدة أظهر فيها الفرس بسالة عظيمة، لكنهم لم يستطيعوا الثبات أمام جيوش الإسكندر فالتمسوا الفرار وتركوا ملكهم وحده في مركبته، وهو لم يتمكن من امتطاء جواده والفرار من الموقعة إلا بعد جهد عظيم، ولكنه لم ينج من الموت، فذبحه اثنان من رجاله فتم النصر للإسكندر فتقدم إلى فرسيوليس عاصمة الفرس إذ ذاك، وكانت مدينة عظيمة في قصرها الملوكي تمثال هائل لإكسرزيس (احشوريش)، أما المكدونيون فحطموا التمثال ودكوه إلى الأرض.
ولما ذاق الإسكندر حلاوة النصر انهمك بملذاته وأكثر من شرب المسكر، فبينما كان ذات ليلة في مأدبة بفرسيوليس، أقنعته إحدى فتيات قصره من اليونان أن يحرق المدينة فأحرقها للحال.
وكان لما أخضع الفرس هم بالمسير إلى الهند وهي تحت رعاية ملك يورس، ويقال إن طوله كان سبع أقدام ونصف، وجند جيشا عظيما وسار لملاقاة الإسكندر، وكان في جملة جيش يورس عدد من الأفيال تعلمت الهجوم على الأعداء لمحاربتهم، ولم يكن عند الإسكندر شيء منها غير أن السعد كان لا يزال خادما له، فعادت العائدة على جيش الفرس فقبض على ملكهم وقيد مغلولا إلى خيمة الإسكندر، فنظر إليه الإسكندر مندهشا لعظم هامته وطول قامته قائلا: كيف أعاملك؟ فأجابه يورس: «معاملة الملوك.» فأمعن الإسكندر في ذلك الجواب وفكر في نفسه؛ كيف كان يريد أن يعامل هو لو كان في تلك الحالة فجعل يعامل ذلك الملك بكل إكرام.
نعم، إن الإسكندر أظهر في أول حياته أعمالا يعجز عنها كبار الرجال غير أن نجاحه وتأييد مساعيه آلا أخيرا إلى خرابه؛ إذ قاده الكبر والخيلاء إلى أن يحسب نفسه في مصاف الآلهة وشوه أعماله تشويها لا يليق بإنسان مثله، وأقبح تلك الأعمال قتل كليتوس أحد الذين حاربوا في أيام أبيه، وكان قد أنقذ حياته مرة من الموت وقد حصل بسبب ذلك على حرية التكلم معه.
ففي ذات ليلة بعد أن شربوا كثيرا من الخمر أخذ الإسكندر يطنب بأعماله أمام كليتوس، وبالغ فيها كثيرا، فقال له كليتوس: إن أباه فيليب فعل ما هو أعظم من ذلك كثيرا، فاغتاظ الإسكندر واختطف للحال رمحا من أحد الخدمة وطعن كليتوس طعنة قتالة، لكنه لما رأى جثة ذلك الرجل تخبط في الأرض ندم على قتله؛ لأنه كان سببا لحياته إلا أن ندمه هذا لم يبق طويلا، فأصر على كونه من الآلهة، وأنه ابن جوبيتر فقاومه أحد الفلاسفة واسمه كالستينس مقاومة شديدة ورفض السجود له، فحبسه الإسكندر في قفص من حديد فقتل نفسه من اليأس.
ولما عاد الإسكندر من الهند إلى الفرس أصيب بمصيبة عظيمة وهي موت أعز أصدقائه هافستيون، مات من مرض نتج عن الإفراط بشرب المسكر، وبقي الإسكندر بعد موته ثلاثة أيام مطروحا على الأرض لا يتناول طعاما وبنى لفقيده نصبا من الأطياب ومواد أخرى ثمينة أنفق عليها أموالا طائلة، ووضعت جثة هافستيون على قمة ذلك النصب، وأوقد فيها النار وجعل ينظر إلى جثة صديقه نظر الحزن وهي تتحول إلى رماد.
وكان موت هافستيون بسبب المسكر عظة للإسكندر، لكنه لم يستفد منها شيئا، بل قد ذهب هو نفسه فريسة ذلك الشراب النجس؛ وذلك أنه بينما كان في بابل وقد احتفل بمأدبة فاخرة وأكثر من الشرب داهمه مرض شديد عقبه الموت.
أما ما يقال عن فضائل الإسكندر فيظهر في ما قاله له أحد القرصان (لصوص البحر)؛ وذلك أن أحد جنود الإسكندر قبض على ذلك السارق وجاء به أمام الإسكندر، فسأله كيف يجوز له معاطاة السرقة؟ فأجابه القرصان: «إن الحق الذي يخول لي السرقة هو نفس الحق الذي يخول لك الافتتاح، وإنما الفرق بيني وبينك أن أتباعي قليلون وأضراري قليلة، أما أنت فأتباعك كثيرون وأضرارك كثيرة.»
وبعد موت الإسكندر حنطت جثته ونقلت إلى الإسكندرية ودفنت فيها، وبالغ المصريون في إكرامه كأنه أعظم مصلحي العالم، وقد حاول بعضهم في هذه السنين الأخيرة العثور على جثته، وظنوا أنهم عثروا بها، ولكنهم وجدوا بعد ذلك أنهم كانوا واهمين ولا نظنهم يعثرون على ذلك.
فتوح الغاليين لبلاد اليونان
Bog aan la aqoon