Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
بِوَاسِطَة سَيِّدي أَحْمد البدوي وَلَا يقدر أحد أَن ينْصَرف عَليّ ببركته فَأنى أخذت الْعَهْد على خلفائه وَأَنا من المنسوبين إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَيِّدي أَحْمد البدوي نعلم أَنه من أكَابِر أهل الله وَلَكِن لَا تصرف لَهُ فِي أَرْضنَا وَحَيْثُ أَنَّك أَبيت ذَلِك فوَاللَّه لَا بُد أَن تَأتي إِلَيّ وتجلس تَحت سَرِيرِي هَذَا وَأَنت بأسوء حَال فَكَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُ لما أرْسلهُ السَّيِّد الْحسن بن الْقَاسِم إِلَى مَكَّة مر على السَّيِّد وَجَاء إِلَيْهِ معتذرًا وَجلسَ تَحت سَرِيره كَمَا قَالَ لَهُ وَلِصَاحِب التَّرْجَمَة كرامات كَثِيرَة مِنْهَا أَنه مرض بِمَكَّة مَرضا شَدِيدا أشرف فِيهِ على الْمَوْت فَدخل عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الْفَقِيه وحزن عَلَيْهِ لما رأى حَاله اشْتَدَّ ومرضه زَاد وَقَالَ فِي نَفسه إِن هَذَا مرض الْمَوْت فبمجرد وُرُود هَذَا الخاطر عَلَيْهِ قَالَ لَهُ يَا مَقْبُول لَا تخف عَليّ فَإِنِّي لَا أَمُوت إِلَّا باللحية فَعُوفِيَ من ذَلِك الْمَرَض وَقدم اللِّحْيَة فَلَمَّا دخل بَيته تباشر أَهله بقدومه وفرحوا وجمعوا النِّسَاء ليفعلوا على عَادَتهم من الفطرفة والغناء وَغير ذَلِك فَنَادَى بَنَاته وَقَالَ لَهُم مَا هَذَا الَّذِي تفعلونه أَنا مَا جِئْت عنْدكُمْ إِلَّا لأموت من قريب فصاحوا لما يعْرفُونَ من حَاله وَكَانَت وَفَاته فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَألف وعمره قريب من تسعين سنة باللحية وَدفن بِقرب تربة جده الشَّيْخ أَحْمد بن عمر الزَّيْلَعِيّ نفع الله تَعَالَى بهم
الأديب أَبُو بكر بن مَنْصُور بن بَرَكَات بن حسن بن عَليّ الْعمريّ الدِّمَشْقِي شيخ الْأَدَب بِالشَّام الأديب الشَّاعِر الْمَشْهُور أحد الأدباء الْمُحْسِنِينَ جمع شعره بَين براعة الْأَلْفَاظ وبداعة الْمعَانِي وملاحة السبك وجودة التَّرْكِيب وَكَانَ ينظم الموشح وَالِد وَبَيت والزجل والمواليا والقوما والكان وَكَانَ وَهُوَ فِي كل فن مِنْهَا سَابق لَا يلْحق ومتقدم لَا يدْرك وَكَانَ فِي عنفوان شبابه كثير الرحلة دَائِم النقلَة فجاب الْبِلَاد وَدخل الرّوم وبلاد الشرق ورحل إِلَى مصر مَرَّات عديدة وَلَقي جَمَاهِير النبلاء وأخباره كَثِيرَة وَوَقَائعه عَجِيبَة وَقد ذكره البديعي فِي ذكرى حبيب وَمَا انصفه فَقَالَ فِي وَصفه تمْتَام تحسن من غَيره كَلَامه يعجم لِسَانه مَا تعربه أقلامه ويستخرج فكره من الشّعْر مَا يضارع الرَّوْض المنمنم فَهُوَ أشعر بني نَوعه مَا لم يتَكَلَّم وَله من الزجل مَا يحمد الغباري غباره وَمن جَمِيع فنون الشّعْر مَا يمدح أَرْبَابهَا فِيهِ آثاره وَكَانَ على طَريقَة يحيى بن أَكْثَم من الْأَعْرَاض عَن الحبيب الْمقنع والميل إِلَى المعمم وَمن غَرِيب خَبره أَنه هام بِغُلَام أَمْرَد كَأَنَّهُ الطاوس فِي مشيته لكنه أركع من هدهد ووشي بِهِ إِلَى الْحَاكِم فَأرْسل إِلَيْهِ جمَاعَة فِي إِحْدَى الحنادس وَكَانَ مجاورًا بحجرة فِي بعض
1 / 99