86

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Daabacaha

دار صادر

Goobta Daabacaadda

بيروت

بالتحقيق والسبق فِي مضمار الْبَيَان مهابا فِي الْعُيُون مُعظما موقرا حَافِظًا للمسائل صَحِيح النَّقْل وَكَانَ مَعَ كبر سنة وتبحره فِي الْعُلُوم حَرِيصًا على طلب الْفَوَائِد وَكَانَ سَيِّدي الْوَالِد يَقُول مَا رَأَيْت عَاشِقًا للْعلم أَي نوع كَانَ مثله وَمن جميل سيرته أَنه مَا استصغر أحدا حَتَّى يسمع كَلَامه ساذجا كَانَ أَو متناهيا فَإِن أصَاب اسْتَفَادَ مِنْهُ صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا وَلَا يستنكف أَن تعزى الْفَائِدَة إِلَى قَائِلهَا وَكَانَ لَا يكْتب الْفَتْوَى إِلَّا فِي الْمسَائِل العزيزة النَّقْل وَإِذا سُئِلَ لَا يُجيب على البديهة بل يَقُول افْتَحْ كتاب كَذَا وعد من الصفحة الْفُلَانِيَّة كَذَا تَجِد المسئلة لِأَنَّهُ قل نظره آخرا وَإِذا سُئِلَ عَمَّا لم يعلم يَقُول الله أعلم ويتعجب مِمَّن يتجرى على الْفتيا ويبادر إِلَيْهَا ويتكلف الْجَواب عَمَّا لَا يدريه وَكَانَ غَايَة فِي العفاف معرضًا عَن المناصب الدُّنْيَوِيَّة وَلما بنى السَّيِّد الْجَلِيل النبيه مُحَمَّد بن عمر بافقيه مدرسته الَّتِي بتريم فوض إِلَيْهِ تدريسها فدرس فِيهَا أَيَّامًا احتسابا ثمَّ ترك ذَلِك وَكَانَ لَا يٍ سَأَلَ فِي أُمُوره إِلَّا الله وَلَا يعول فِي قَضَاء حَوَائِجه على سواهُ وَلَا يخرج من دَاره إِلَّا لجمعة أَو جمَاعَة أَو زِيَارَة صديق وَنَحْوه لَا يتَرَدَّد إِلَى أحد من الْأَعْيَان ملازما للطاعات بِحَيْثُ لَا يُوجد فِي غير عبَادَة لَحْظَة وَكَانَ لَهُ خلق عَظِيم وَكَانَ يشْرَح كَلَام الصُّوفِيَّة وَأهل الْحَقِيقَة بِأَحْسَن بَيَان وَلبس الْخِرْقَة من مشايخه وحكموه وأذنوا لَهُ فِي ذَلِك فَكَانَ يلبس الْخِرْقَة ويلقن الذّكر وَيحكم وَكَانَ غَايَة فِي التَّوَاضُع وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ بركَة الْيمن وَكَانَت وَفَاته فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَألف بِمَدِينَة تريم وَدفن بمقبرة زنبل المنلا أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف أَبوهُ بمنلا جامي الشَّافِعِي الْكرْدِي الحريري نزيل دمشق الْمَعْرُوف بمعلم الْوَزير الْمُحَقق البارع كَانَ إِلَيْهِ النِّهَايَة فِي الْعُلُوم وَالتَّحْقِيق وَكَانَ فِيهِ ورع وانعزال عَن النَّاس وكف عَن مُخَالطَة الْحُكَّام مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ من الحظوة التَّامَّة عِنْد الْوَزير الْأَعْظَم الْفَاضِل أَحْمد باشا وَأول وُرُوده إِلَى دمشق كَانَ مَعَه وَذَلِكَ لما ولي حكومتها فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَألف وَكَانَ إِمَامه وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا فِي أَنْوَاع الْعُلُوم وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَن الصَّدْر الْعَالم الْمُحَقق عبد الرَّحْمَن الصهري كَمَا قَرَأَ أَنه بِخَطِّهِ فِي إجَازَة كتبهَا للعلاء الحصفكي مفتي الشَّام وَلما عزل الْوَزير عَن الشَّام صَحبه إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَكَانَ قد رغب فِي توطن دمشق وَطلب من الْوَزير بعض جِهَات تقوم بِهِ وَاتفقَ إِذْ ذَاك وَفَاة الْعَلامَة مُحَمَّد بن أَحْمد الأسطواني الْآتِي ذكره وَكَانَ مدرس السليمية فوجهها إِلَيْهِ وأضاف إِلَيْهَا قَضَاء صيدا وَبَعض جوالي فَقدم دمشق

1 / 86