Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
بمحلة القبيبات وَاسْتمرّ الإخوان على ذَلِك مُدَّة مديدة إِلَى أَن دخل بَينهمَا الْغَرَض فأداهما إِلَى الْمُخَاصمَة والمحاكمة وَطَالَ ذَلِك بَينهمَا حَتَّى أوجب تفريقهما فَرَحل إِبْرَاهِيم من محلّة القبيبات إِلَى دَاخل دمشق إِلَى أَن رَحل الحجيج فَسَار بأَهْله وحفدته إِلَى مَكَّة المكرمة وجاور بهَا وَصرف فِي مجاورته مَالا كثيرا ثمَّ رَجَعَ فِي الْعَام الثَّانِي مَعَ الركب الشَّامي وَسكن فِي بَيته وَترك التَّرَدُّد إِلَى النَّاس ثمَّ تصالح هُوَ وَأَخُوهُ وَبعد مُدَّة قَليلَة مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان بعد الْألف وَكَانَ آخر كَلَامه شَهَادَة الاخلاص وَكَانَت جنَازَته حافلة جدا وَدفن عِنْد أسلافه فِي تربة القبيبات خَارج بَاب الله وَبَنُو سعد الدّين طَائِفَة بِالشَّام معروفون بالصلاح وَقد خرج مِنْهُم جمَاعَة وَمن الْمَشْهُور من طريقهم أَنهم يبرئون من الْجُنُون بِإِذن الله تَعَالَى بنشر يخطون يه خُطُوطًا كَيفَ مَا اتّفق فيشفى بهَا العليل ويحتمي لشر بهَا عَن كل مَا فِيهِ روح ثمَّ يَكْتُبُونَ للمبتلي عِنْد فَرَاغه من شرب النشر حِجَابا وَفِي الْغَالِب يحصل الشِّفَاء على أَيْديهم وَحكى النَّجْم الْغَزِّي عَن بعض الأصدقاء أَنهم يقصدون بِتِلْكَ الخطوط الَّتِي يكتبونها فِي نشرهم وحجبهم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وهم يتلفظون بهَا حَال الْكِتَابَة وأصل هَذِه الخاصية الَّتِي لَهُم أَن جدهم سعد الدّين لما فتح الله تَعَالَى عَلَيْهِ وكوشف بِالنَّبِيِّ
وَأبي بكر وَعلي ﵄ وَكَانَ قبل ذَلِك من قطاع الطَّرِيق فَأمر النَّبِي
عليا ﵁ أَن يطعمهُ فاطعمه تمرات فَأُغْمِيَ على الشَّيْخ سعد الدّين أَيَّامًا ثمَّ لم يفق إِلَّا وَقد تَابَ الله عَلَيْهِ وَفتح عَلَيْهِ ثمَّ كشف لَهُ عَن كَبِير الْجِنّ أَخذ عَلَيْهِ الْعَهْد بذلك وَرَأَيْت فِي بعض الأوراق أَن الشَّيْخ سعد الدّين كَانَ فِي زمن أَبِيه الشَّيْخ يُونُس الشَّيْبَانِيّ وَقد ند عَن طَاعَته واشتغل بلهوه وبطالته وَخرج إِلَى أَرض حوران وَأقَام بهَا يقطع الطَّرِيق بُرْهَة من الزَّمَان فَسمع وَالِده الشَّيْخ يُونُس بِفعل وَلَده فاهتم لذَلِك ودعا إِلَى الله تَعَالَى فِي أَمريْن إِمَّا إِصْلَاحه وَإِمَّا أَخذه فِي وقته فَاسْتَجَاب الله دعاءه فِي إِصْلَاحه فَبَيْنَمَا هُوَ على مَا هُوَ عَلَيْهِ إِذْ رأى نَفرا ثَلَاثَة فصوب إِلَيْهِم لأخذ مَا عَلَيْهِم فَلَمَّا وصل إِلَيْهِم الْتفت إِلَيْهِ أحدهم وَقَالَ مُخَاطبا لَهُ ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله فَأَخذه الوجد والهيام والبكاء والنحيب حَتَّى سقط عَن فرسه وَعَاد ملقى وَمَا فِيهِ غير نَفسه فَأَتَاهُ أحدهم وَضرب بِيَدِهِ على صَدره وَقَالَ لَهُ اسْتغْفر الله فَاسْتَغْفر مِمَّا وَقع من سالف أمره فَلَمَّا أَفَاق من سكره وَشَرَابه وهدأت نَفسه من تحريكه واضطرابه قَالَ أحدهم بعد أَن
1 / 34