206

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Daabacaha

دار صادر

Goobta Daabacaadda

بيروت

(أرى النَّاس من داناهم هان عِنْدهم ... وَمن أكرمته عزة النَّفس أكرما)
(وَلم أقض حق الْعلم إِن كنت كلما ... بدا طمع صيرته لي سلما)
(وَمَا كل برق لَاحَ لي يستفزني ... وَلَا كل من فِي الأَرْض أَلْقَاهُ منعما)
(إِذا قيل هَذَا مشرب قلت قد أرى ... ولكنّ نفس الحرّ تحْتَمل الظما)
(وَلم أبتذل فِي خدمَة الْعلم مهجتي ... لَا خدم من لاقيت لَكِن لَا حد مَا)
(أأشقى بِهِ غرسًا وأجنيه ذلة ... إِذا فاتباع الْجَهْل كَانَ قد أسلما)
(وَلَو أَن أهل الْعلم صانوه صانهم ... وَلَو عظموه فِي النُّفُوس لعظما)
(وَلَكِن أهانوه فهان ودنسوا ... محياه بالأطماع حَتَّى تهجما)
اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَقُول ذَلِك افتخارًا لي وَلَا تَزْكِيَة لنَفْسي بل لما يَنْبَغِي من تجنب مَوَاقِف التهم معترف بِأَنِّي أَحْقَر من أَن أذكر وأهون من قلامة الظفر وَلَكِن مظلوم رفعت ظلامتي إِلَيْك كَمَا قَالَ زين العابدين ﵁ يَا من لَا يخفى عَلَيْهِ أنباء المتظلمة وَيَا من لَا يحْتَاج فِي قصصهم إِلَى شَهَادَة الشَّاهِدين وَيَا من قربت نصرته من المظلومين وَيَا من بعد عونه عَن الظَّالِمين قد علمت يَا إلهي مَا نالني من فلَان إِلَى آخر مَا ذكره فِي دُعَائِهِ وحسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم هَذَا وَلَوْلَا تحرج أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ فِي إِعَادَة الْجَواب لما توجه مني بعد ذَلِك خطاب وَهَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى بيني وَبَيْنكُم آخر كتاب وَالسَّلَام
الشَّيْخ أَحْمد بن سلميان القادري الدِّمَشْقِي الشَّيْخ الْعَارِف المعتقد الْمُتَّفق على ورعه وديانته كَانَ من أكبر مَشَايِخ الشَّام فِي عصره لَهُ الْخلق الْحسن والشيم الزكية والكرامات الباهرة ورزق الحظوة التَّامَّة فِي اعْتِقَاد النَّاس عَلَيْهِ بِحَيْثُ لم يخْتَلف فِي شَأْنه اثْنَان وَكَانَ لَهُ فِي التصوف حَال باهر وكلمات رائقة نَشأ على مجاهدات وعبادات وَأخذ الحَدِيث عَن الْبَدْر الْغَزِّي وَجلسَ على سجادة أَبِيه من بعده فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ فِي مبدأ أمره سَاكِنا فِي محلّة الشلاحة بِدِمَشْق ثمَّ انْتقل إِلَى مدرسة الْأَمِير سيف الدّين قلج الأسفلار الْمَعْرُوفَة بالقلجية وعزل التُّرَاب الَّذِي كَانَ فِيهَا من بقايا الخراب فِي فتْنَة تيمور وعمرها وَأَنْشَأَ سَبِيلا بجوار تربَتهَا وَكَانَ ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقَالَ مامية الرُّومِي مؤرخًا بِنَاء السَّبِيل
(هَذَا السَّبِيل الأحمدي ... لله لفيه خفا)
(وَقد أَتَى تَارِيخه ... اشرب هنيا بل شفا)

1 / 207