168

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Daabacaha

دار صادر

Goobta Daabacaadda

بيروت

على هَذِه النَّار بل أَخَذَنِي التبلد وَلم أجد ذرة من التجلد وصرت كالذاهل الحيران الغارق فِي بحار الأشجان لَا أعرف مَا أَقُول وَلَا ينْصَرف فكري إِلَى مَعْقُول وَلَا مَنْقُول وَمَا ذكرت السَّبَب إِلَّا تحدر دمعي على الخد وانسكب وَعلمت أَن الشَّرّ كُله من عشرَة غير الْجِنْس مكتسب سِيمَا هَذَا الْجِنْس الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مروه وَلَا أخوة تمنع أنفسهم من النَّقْص وَلَا فتوة وَأَنت وَالله غلطان فِي تقريب بَعضهم وَأوجب حبك لَهُم ومنعك مطلوبهم مَكْرُوه بغضهم وَأَنت تعلم صانك الله من الأغيار ووقاك كيد الْفجار الأشرار أَن الْحر الْكَرِيم لَا يقوى أَن يسمع فِي عرضه كَلَام من يسوى وَمن لَا يسوى وَمَا وَحقّ من يعلم السِّرّ والنجوى بذلت لَك هَذِه النَّصِيحَة إِلَّا لتعلم أَن محبتي سليمَة صَحِيحَة وصفاء ودي لَا يتكدر وجوهر عشقي على مدى الْأَيَّام لَا يتَغَيَّر لَكِن يَا روحي السارية مسرى الدَّم فِي الأعضا وشفاء الْقُلُوب المرضى الَّتِي لَا تُرِيدُ غَيره طَبِيبا وَلَا ترْضى أَنْت تعلم أَن مَاء الْجمال تكدره نواظر الفواسق وصونه بِصُورَة الْجلَال مَحْمُود عِنْد ذَوي الْحَقَائِق فَإِن ترك مَالا يصلح أصلح والاقبال على من تنْتَفع بعقله أصوب وأرجح لِأَن من وَقع عَلَيْهِ نظر المفلح أَفْلح فاتعظ بِهَذِهِ الْوَاقِعَة عَلَيْك وَلَا تركن بإحسانه إِلَيْك لكنني أَقُول مقَال الْمُحب المغرم الَّذِي يتظلم من أَن لَا يظلم
(رويدك إِن الْهوى معرك ... يعْدم فِيهِ الْأجر والمغنم)
(فَإِنَّمَا تأويلنا أَنه ... يحل للْمُضْطَر مَا يحرم)
(من ذَا الَّذِي أفتى عُيُون المها ... بِأَن مَا تتْلف لَا تغرم)
(يستعذبوا ظلمي من اجلهم ... أسْتَغْفر الله لمن يظلم)
وَقُلْنَا فِي مثل هَذَا الْحَال سَابِقًا وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى كَمَا ترَاهُ لائقًا
(وَأَنا الَّذِي لَا ذَنْب لي وللذتي ... بِالْعَفو عني قلت إِنِّي مذنب)
(إِن لم يكن ذَنْب فحلمك وَاجِب ... أَو كَانَ لي ذَنْب فحلمك أوجب)
(وَلَقَد صبرت على الشدائد كلهَا ... إِلَّا بعادك عَنهُ صبري يعزب)
(فَارْجِع وعد عود الْكِرَام لعادة ... عودتها فَالْأَصْل أصل طيب)
وَلَو أَنِّي بثثتك عشر مَا عِنْدِي من الأشواق لفنيت الأقلام والمحابر والأوراق وَلكنهَا نفثة مصدور أصبح مَهْجُورًا وَكَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطورًا وَأهْدى إِلَى مليح وردتين وَهُوَ مُقيم بصالحية دمشق عِنْد بعض خلانه للتنزه وَكتب مَعَهُمَا قَوْله
(متعت طرفِي من سنا وَجهه ... ووجنتيه بجنى الجنتين)

1 / 169