Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
(يذكر الصب عَيْشًا ... صفا الصفاء النمير)
(أَوْقَات أنس أَضَاءَت ... كالبدر فِي الديجور)
(نجني ثمار الْمعَانِي ... من روض مجد نضير)
(والمشكلات علينا ... تجلى بِغَيْر ستور)
(ندير رَاح الخفايا ... على سَرِير السرُور)
(وَحَيْثُ غَابَ غزال ... الْحمى وَأنس الْحُضُور)
(مولَايَ أَحْمد تَاج ... الْعلَا وَصدر الصُّدُور)
(كشاف مُشكل بحث ... بِرَأْيهِ المستنير)
(السَّابِق الْقَوْم فهما ... فِي حومة التَّقْرِير)
(أقلامه فِي جِدَال ... تطول بالتحرير)
(فذ بتوأم فضل ... بالنظم والمنثور)
(قد فاق كل لَبِيب ... وعالم نحرير)
(يَا مُفردا فِي ... جَمِيع الْعُلُوم لَا بنظير)
(لَهُ بلاغة سحبان ... بل نظام جرير)
(آدابه فِي انسجام ... تفوق وشى الْحَرِير)
(مدى الزَّمَان سلامي ... مَعَ الدُّعَاء الْكثير)
(يهدي إِلَيْك ويبدو ... فِي طيه المنشور)
(خلوص حب صفا من ... شوائب التكدير)
(سلساله العذب يَحْكِي ... معتقات الْخُمُور)
وَله غير ذَلِك وَكَانَت وِلَادَته لَيْلَة الِاثْنَيْنِ المسفر صباحها عَن عيد الْأَضْحَى من سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي فِي الْيَوْم الرَّابِع من الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
أَبُو الْوَفَاء بن مُحَمَّد بن عمر السَّعْدِيّ الْحلَبِي الشَّافِعِي الْمَشْهُور بِابْن خَليفَة الزكي ذكره أَبُو الْوَفَاء العرضي الْمَذْكُور قبله فِي تَارِيخ الْمَعَادِن وَقَالَ فِيهِ من أَعْيَان الْمَشَايِخ السعدية المنسوبين فِي الْخلَافَة إِلَى الشَّيْخ سعد الدّين الجباوي خَلفه وَالِده الشَّيْخ مُحَمَّد وَخلف الشَّيْخ مُحَمَّد وَالِده الشَّيْخ عمر المدفونان فِي زاويتهم خَارج بَاب النَّصْر أما وَالِده الشَّيْخ مُحَمَّد فَلَقَد كَانَ فَاضلا كَامِلا صَالحا صَاحب كرامات كَانَ رجل يُقَال لَهُ
عبد الرَّحْمَن بن الصّلاح ذَا ثروة وَمَال وَعَلِيهِ هَيْبَة ووقار وَكَانَ يدْخل فِي حَلقَة ذكر أبي الْوَفَاء بَين أَقوام وعوام غالبهم فلاحون وَبَعض جماعات من ذَوي الهيئات فَقلت مَا السَّبَب أَنكُمْ تدخلون إِلَى حَلقَة الذّكر مَعَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم فَقَالَ كنت شَابًّا وَاقِفًا أنظر إِلَى فُقَرَاء وَالِد الشَّيْخ وفا وَهُوَ الشَّيْخ مُحَمَّد وَأَنا فِي ضميري أستهزىء بِالذكر لأَنهم يَقُولُونَ مَا لَا يفهم مَعْنَاهُ فَقلت فِي ضميري مَا مُرَادهم بقَوْلهمْ هام هام فَخرج الشَّيْخ من الْحلقَة وَفرق الازدحام وجذبني من ثِيَابِي وَقَالَ نقُول الله الله فَوَقَعت مغشيًا عَليّ ثمَّ لم أزل على اعْتِقَادهم وَكَانَ فِي بني دِرْهَم وَنصف رجل من الْفُضَلَاء يُقَال لَهُ المنلا يستهزىء بهم ويحقرهم فَأَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخ مُحَمَّد تأدب تأدب فَوَقع مصروعًا فوقعوا على الشَّيْخ واستمروا مُدَّة طَوِيلَة يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ حَتَّى صفح وَعَفا وتواتر على الْمَذْكُور الشفا كل ذَلِك ببركة الشَّيْخ مُحَمَّد وَكَانَ لَهُ خطّ حسن حَتَّى ألف كتابا اسْمه المحمدية ذكر فِيهِ مواعظ وكرامات الْأَوْلِيَاء واستطرد إِلَى ذكر الشَّيْخ سعد الدّين الجباوي وَهُوَ أستاذه وَكَذَلِكَ صنف مجَالِس وعظ تشْتَمل على آيَات قرآنية وَأَحَادِيث نبوية وَمَعَان مهذبة ومسائل مرتبَة وَكَذَلِكَ وَالِده الشَّيْخ عمر ألف كتابا سَمَّاهُ العمرية ذكر فِيهِ مَنَاقِب الشَّيْخ سعد الدّين وَله حَلقَة ذكر فِي الْجَامِع الْكَبِير بحلب يَوْم الْجُمُعَة فِيهَا مائَة رجل وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يلبس الْعِمَامَة الْكَبِيرَة الخضراء وَالثيَاب المتسعة الأكمام الطَّوِيلَة الأذيال وَقد لبسوا الْأَخْضَر قبيل الْألف بِمدَّة قَليلَة أثبتوا أنسابهم بِوَاسِطَة الْحُسَيْن وَكَانَ من عَادَة الْأَشْرَاف يربون لَهُم الشُّعُور فِي رَأْسهمْ وَكتب لَهُم نسب ومحضر شهد لَهُم بِالنّسَبِ غَالب الْأَعْيَان بحلب وَلما مَاتَ وَالِده كَانَ شَابًّا لَهُ حِدة مزاج فَكَانَ بعض الْأَعْيَان بِبَاب النَّصْر تشاجر مَعَه فَذهب إِلَى دمشق وَأخْبر الشَّيْخ سعد الدّين وَالِد الشَّيْخ مُحَمَّد وَكَانَ الْمَذْكُور مجذوبًا لَا يتمهل فِي الْأُمُور فَذكر لَهُ أَن الشَّيْخ أَبَا الوفا كَانَ مَعَ بعض نسَاء أجانب فَقبض عَلَيْهِ حَاكم الْبَلدة وَأخذ مِنْهُ مَالا لَيْلًا وَأَنه لَا يَلِيق بالخلافة وَعِنْدنَا رجل صَالح عَالم يُقَال لَهُ الشَّيْخ عبد الرَّحِيم اجْعَلْهُ خَليفَة واعزل الشَّيْخ أَبَا الوفا واكتب للاعيان مكاتيب بعزله فَكتب للشَّيْخ عبد الرَّحِيم أَنِّي جعلتك خَليفَة وعزلت أَبُو الوفا وَكتب للْقَاضِي بذلك وَأَن يمْنَع أَبَا الوفا من الذّكر مَعَ الْفُقَرَاء فَأحْضرهُ القَاضِي وَأظْهر لَهُ الْمَكْتُوب فَقَالَ أَنا لست بخليفة لَهُ وَإِنَّمَا أخذت الْخلَافَة عَن وَالِدي ووالدي عَن وَالِده ثمَّ ورد مَكْتُوب من الشَّيْخ سعد الدّين إِلَى المريدين والنقباء أَن من تبع أَبَا الوفا فَهُوَ
1 / 153