124

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Daabacaha

دار صادر

Goobta Daabacaadda

بيروت

(بَيت الْعَتِيق الَّذِي فِي رُكْنه حجر ... قد أسبلت من أعاليه ستائره)
وَله غير ذَلِك وَكَانَت وَفَاته بحلب سنة سِتّ وَخمسين وَألف وَأَبوهُ مُحَمَّد شَاعِر مثله حسن السبك دَقِيق الملاحظة وَلَقَد سَأَلت عَن وَفَاته كثير من الحلبيين فَلم أظفر بهَا فَلهَذَا لم أفرده فِي هَذَا الْكتاب بترجمة وذكرته هُنَا رَغْبَة فِي تطريز هَذَا التَّارِيخ بِشعرِهِ وَمَا أوردهُ لَهُ قد ذكر غالبه البديعي وَلم يوفه فِي تَرْجَمته حَقه فَمَا أوردهُ لَهُ قَوْله
(بدر أدَار على النُّجُوم براحة ... شمسا فنارت فِي كؤوس رحيقه)
(شمس إِذا طلعت كَانَ وميضها ... برق تلألأ عِنْد لمع بريقه)
(يسقى وَإِن عزت عَلَيْهِ ورام أَن ... يشفى لداء محبه وحريقه)
(فيديرها من مقلتيه وَتارَة ... من وجنتيه وَتارَة من رِيقه)
وَقَوله
(عجبت لما أبداه وَجه معذبي ... من الْحسن كالسحر الْحَلَال وأسحر)
(بوجنته ياقوت نَار توقدت ... عَلَيْهَا عذار كالزمرد أَخْضَر)
وَقَوله مضمنًا
(مليك جمال أنبت الْعِزّ خَدّه ... نباتًا لَهُ كل المحاسن تنْسب)
(فكررت لثم الخد مِنْهُ لطيبه ... وكل مَكَان ينْبت الْعِزّ طيب)
وَقَوله
(ومهفهف لدن القوام وَوَجهه ... قمر تقمص بالعذار الْأَخْضَر)
(فتق العذار بخده فَكَأَنَّمَا ... فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر)
أَبُو السُّعُود بن الشّرف يحيى بن أَحْمد بن أبي السُّعُود بن تَاج الدّين بن أبي السُّعُود ابْن جمال الدّين بن القَاضِي الْجمال مُحَمَّد بن أَحْمد صفي الدّين ابْن مُحَمَّد بن روزبة بن أبي الثَّنَاء مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الكازروني الْمدنِي الزبيرِي نِسْبَة إِلَى الزبير بن الْعَوام ﵁ الشَّافِعِي إِمَام الشَّافِعِيَّة بِطيبَة الطّيبَة كَانَ فَاضلا ذَا همة عالية وَنَفس مطمئنة ومحاضرة لَطِيفَة وجاه عريض مَعَ خشيَة الله تَعَالَى والتورع فِي كثير من أُمُور الدُّنْيَا والتقلل مِنْهَا وَالتَّعَفُّف عَنْهَا خطبَته المناصب السّنيَّة فأباها وَرفعت لَهُ عَن نقاب زخرفها فَنَهَاهَا وَكَانَ لَهُ همة عَظِيمَة فِي النّسخ لم يضيع أوقاته بِلَا شَيْء مِنْهُ فَجمع بذلك كتبا نفيسة بِخَطِّهِ وَكَانَ ملازمًا لورد الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى سَيِّدي أَحْمد ابْن مُوسَى العجيل كَمَا أوصاه بِهِ وَالِده من حِين خرج من الْمكتب إِلَى وَفَاته وَأوصى هُوَ بِهِ وَلَده الْفَاضِل الْخَطِيب عبد الرَّحْمَن وَكَانَ يَقُول إِنَّه دِرْهَم الْكيس وَحفظ الْقُرْآن وجوده وَحفظ كتبا فِي الْفِقْه والأصلين وألفية ابْن مَالك والشاطبية والرحبية وَغَيرهَا وَقَرَأَ على كثير من الْمَشَايِخ كالسيد حُسَيْن السَّمرقَنْدِي الْمدنِي

1 / 124