Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
سُلَيْمَان وَولي مِنْهَا قَضَاء القضاه بِالشَّام خَمْسَة وَأَرْبَعين يَوْمًا ثمَّ عزل وَحكى لي بعض الثِّقَات نَاقِلا عَنهُ أَنه بعد عَزله عزم على الرحلة إِلَى الرّوم فطلع إِلَى زِيَارَة الاستاذ ابْن عَرَبِيّ فخاطبه من دَاخل قَبره بالتربص وَأَنه يَأْتِيهِ فِي يَوْم كَذَا وَقت كَذَا منصب كَذَا فَوَقع لَهُ أَن جَاءَهُ فِي الْوَقْت الْمعِين المنصب الْمعِين وَهُوَ قَضَاء الْقُدس ثمَّ بعد ذَلِك ولي قَضَاء بروسه وأدرنه وقسطنطينية وَأعْطى آخرا رُتْبَة قَضَاء الْعَسْكَر بأناطولي قَالَ وَالِدي روح الله روحه وتشرفت بِهِ فِي يسفرتي الثَّانِيَة إِلَى الرّوم سنة ثَلَاث وَسبعين والف ثمَّ لَزِمته وَكنت إِذا اجْتمعت بِهِ يتنور باطني وظاهري من مخاطبته وينشرح لسَمَاع فَوَائده صَدْرِي من محاضرته وأنشدته مرّة قولي وَأَنا فِي شدَّة من الْحَال
(الْحَال غَدا يكل عَنهُ الشَّرْح ... من سكرته مَتى زماني يصحو)
(أَبْوَاب مطالبي جَمِيعًا سدت ... مولَايَ عَسى يكون مِنْك الْفَتْح)
فأنشدني لنَفسِهِ قَوْله
(فَلَا تحزن إِذا مَا سد بَاب ... فَإِن الله يفتح ألف بَاب)
وَكنت تَرْجَمته فِي كتابي النفحة وغيرت تَرْجَمته إِلَى قالب آخر حَسْبَمَا التزمته فِيهَا من الالتزامات فَمَا عَليّ أَن أذكر المعدول عَنهُ إِذْ فِيهِ على كل حَال تطرية فَقلت فِيهِ وَقد ذكرته بعد أَبِيه هُوَ جَار مَعَ أَبِيه فِي ميدانه آخذ من فَضله بعنانه متحل بنعته متخلق بسمته ولد فِي طالع السخاء وغذي فِي حجور الكرماء ومارس البلاغة ممارسة كشفت لَهُ عَن أسرارها وأظفرته بكنوز جواهرها إِذْ لم يظفر غَيره بأحجارها وَكَانَت أوقاته مقسمة بَين عارفة ينيلها أَو ملمة يزيلها ومساءة من الْمسَاوِي يسرها وصنيعة من الصَّنَائِع بدخرها ومجلسه أَوله ثَنَاء جميل وَآخره عَطاء جزيل وَبَينهمَا ترحيب وتأهيل إِذا قَالَ فتحت لثنائه الأفواه وَإِذا روى تحدثت بفضله الرواه وَله من دُرَر المكارم وغرر المآثر مَا يسْتَغْرق نظم كل ناظم ونثر كل ناثر وأنشدت لَهُ تخميسه الْمَشْهُور وَهُوَ فِي صَاحب الْبَهْجَة والنور
(يَا حادي العيس إِن حفت بك الكرب ... ألحق هديب بركب سَاقه الطَّرب)
(وَقل لصب غَدا بالشوق يلتهب ... لمهبط الْوَحْي حَقًا ترحل النجب)
(وَعند هَذَا المرجى يَنْتَهِي الطّلب ...)
(أَعنِي الرَّسُول الَّذِي قد شرف الأمما ... ونال سائله فَوق السما قسما)
(يلقى العفاة بِمَا يرجون مُبْتَسِمًا ... بِهِ تحط رحال السَّائِلين فَمَا)
(لسائل الدمع مَا يَقْضِيه مَا يجب ...)
1 / 121