Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
دمشق مَعَ خَاله وَكَانَ دون الْبلُوغ وَتَركه خَاله بهَا ورحل فجاور فِي الْمدرسَة الكلاسة فِي جَانب الْجَامِع الْأمَوِي وَكَانَ يسْقِي المَاء بالجامع الْمَذْكُور ويتقوت بِمَا يَدْفَعهُ النَّاس وخدم الْعَلامَة أَحْمد الْكرْدِي الْعِمَادِيّ الْآتِي ذكره وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَبِه تخرج وتفقه بالشهاب العيثاوي وَالشَّمْس الميداني وَأخذ الحَدِيث عَن الشَّمْس الدَّاودِيّ نزيل دمشق ولازم مَجْلِسه وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة والتصريف عَليّ الْحسن البوريني والنجم الْغَزِّي وبرع فِي الْفِقْه وَغَيره ثمَّ حصلت لَهُ بقْعَة تدريس بالجامع الْأمَوِي فتصدر وانتفعت بِهِ الطّلبَة سنوات مَعَ وجود مشايخه وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ لكَمَال العيثاوي وَتزَوج فَبَقيَ متأهلًا نَحْو سنتَيْن مَعَ القناعة وَذكر الْغَزِّي عَنهُ حِكَايَة رُؤْيا رَآهَا عَجِيبَة قَالَ أَخْبرنِي أَنه رأى أَنه كَانَ فِي الْجَامِع الْأمَوِي وكل من فِيهِ نَصَارَى قَالَ فاغتظت لذَلِك وأنكرته وَإِذا رجل يَقُول ادخل إِلَى الشَّيْخ محيى الدّين بن عَرَبِيّ إِلَى دَاخل الْجَامِع فاشك إِلَيْهِ ذَلِك قَالَ فَدخلت فَوجدت الشَّيْخ ابْن عَرَبِيّ جَالِسا فِي محراب الْمَقْصُورَة وَبَين يَدَيْهِ جمَاعَة قَليلَة وَهُوَ يدرس وهم يقرؤن عَلَيْهِ فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي أما ترى هَؤُلَاءِ النَّصَارَى ملؤا الْمَسْجِد كَيفَ لَا تنكر ذَلِك وَمن هَؤُلَاءِ فَقَالَ لي لَا تحزن هَؤُلَاءِ النَّصَارَى هم الَّذين ضلوا بمطالعة كتبي وَأما هَؤُلَاءِ الْمُسلمُونَ بَين يَدي فهم الَّذين انتفعوا بكلامي وهم قَلِيلُونَ كَمَا تراهم وَالَّذين هَلَكُوا بكلامي كثير كَمَا تراهم وَكَانَت وَفَاة أبي بكر صَاحب التَّرْجَمَة لَيْلَة الِاثْنَيْنِ حادي عشرى محرم سنة سِتّ بعد الْألف عَن نَحْو ثَلَاثِينَ سنة وَدفن بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى
الشَّيْخ أَبُو بكر المعصراني المجذوب الصَّالح قَالَ الْغَزِّي فِي تَرْجَمته كَانَ فِي مبدائه يتكسب بعصر السمسم وَكَانَ يحب مجَالِس الذّكر فَحَضَرَ مَجْلِسا فِيهِ جمَاعَة اجْتَمعُوا على ذكر الله تَعَالَى مِنْهُم الْأَخ الشهَاب الْغَزِّي وَالشَّيْخ سُلَيْمَان الصَّواف وَالِد الشَّيْخ أَحْمد بن سُلَيْمَان وَبَات تِلْكَ اليلة عِنْدهم فَلَمَّا كَانَ وَقت الذّكر لاحت لَهُ بوارق الْحق فتوله وتعرى مَا دون عَوْرَته ثمَّ انجلت عَنهُ تِلْكَ الْحَالة بعد أشهر ثمَّ كَانَت تعاوده فِي كل سنة ثَلَاثَة أشهر أَو أَرْبَعَة يغيب فِيهَا عَن إحساسه ويحلق لحيته ويستأصلها ويتعرى ويكاشف فِي حَالَته تِلْكَ من يرَاهُ وَيسْأل النَّاس فِي تِلْكَ الْحَالة فَلَا يردهُ أحد وَيُعْطِيه قِطْعَة وَرُبمَا طلب أَكثر وَكَانَ يصرف مَا يجمعه على الْفُقَرَاء وَلم يطْلب من أحد شَيْئا وَيكون خَالِيا من الدَّرَاهِم وَكَانَ كشفه ظَاهر إِلَّا شُبْهَة فِيهِ وَله فِيهِ وقائع مشهوره ثمَّ كَانَ إِذا سرت عَنهُ الْحَالة لَازم الصمت وَالْعِبَادَة وَلَا يخرج من الْجَامِع الْأمَوِي إِلَّا
1 / 111