ومن جمع الأوصاف المذكورة لم يشكل عليه شيء من ذلك.
قال ابن خُزَيمة: لا أعرف حديثين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأتني لأؤلِّف بينهما (١).
والمختلِفُ قسمان:
أحدهما يمكن الجمع بينهما فَيَتَعيَّن المصير إلى ذلك، ويجب العمل بهما كحديث "لا عَدوَى" وحديث "لا يورِد مُمرِضٌ على مُصِح".
ووجه الجمع؛ أنه ﷺ نَفَى في الأوَّلِ ما كان يعتقده الجاهلي، من أنَّ ذلك يُعدِي بِطَبعِه، ولهذا قال "فَمَنْ أَعْدَىَ الأَوَّل".
وفي الثاني، أَعلَم بأن الله جعل ذلك سببًا لذلك، وحذَّر من الضَّرر الذي يغلب وجوده عند وجوده بفعل الله.
والثاني لا يمكن الجمع بينهما.
فإن علِمنا أن أحدهما نَاسِخٌ قدَّمناه، وإلا عَمِلنا بالرَّاجح منهما؛ كالتَّرجيح بصفات الرواة وكَثرتِهم في خمسين وجهًا من أنواع الترجيح، جمعها الحافظ الإمام أبو بكر الحازمي، في كتابه الناسخ والمنسوخ (٢).
_________
(١) أخرجه الخطيب في الكفاية (ص ٤٣٢ - ٤٣٣) بسنده إلى ابن خزيمة.
(٢) هو الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني، توفي في سنة ٥٨٤ هـ ينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (٢١/ ١٦٧)، وكتابه هو "الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الآثار"، وهو مطبوع في دائرة المعارف العثمانية بالهند.
1 / 66