المقدمة
العِلمُ بَحَديثِ رسولِ اللهِ ﷺ ورِوَايَته من أشرف العلوم وأفضلها؛ لأنه ثاني أَدِلَّة علوم الإسلام، ومادة علم الأصول والأحكام، لا يرغب في نشره إلا كلُّ صادق تَقيٍّ، ولا يَزهَدُ في نَصرِه إلا كلُّ مُنافق شَقيٍّ.
قال أبو نصر بن سلاَّم (١): ليس شيء أثقل على أهل الإلحاد ولا أبغض إليهم من سَماع الحديث وروايته وإسناده.
ولهذا العلم أُصول وأحكام واصطلاحات وأوضاع، يحتاج طالبه إلى معرفتها ومدار هذه الأمور على المتون والأسانيد والسند (٢)، وغيرها.
الْمَتْنُ: هو ما اكتَنَف الصُّلب من الحيوان، وبه شُبِّه المتن من الأرض ومَتُنَ الشيء قَوِيَ مَتْنُهُ، ومِنه حَبْلٌ مَتِين، فَمَتْنُ كلِّ شيءٍ ما يَتَقَوَّمُ به ذلك الشيء ويَتَقَوَّى به، كما أن الإنسان يَتَقَوَّم بالظَّهر ويَتَقَوَّى به، فَمَتْنُ الحديث ألفاظه التي يَتقوَّم بها المعاني.
واختُلِفَ في متن الحديث أهو قول الصَّحابي عن رسول الله ﷺ كذا وكذا؟ أو هو مَقُولُ رسول الله ﷺ فَحَسْب؟
والأول أَظْهَر، لِمَا تَقَرَّر أنَّ السُّنة إِما قولٌ أو فعلٌ أو تَقْرِيرٌ، والسَّلف أَطْلَقُوا الحديث على أقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان وآثارِهِم وفَتَاواهم.
_________
(١) كما في " معرفة علوم الحديث " (ص ٣٥).
(٢) يظهر هنا تفرقة المصنف بين السند والإسناد وكلمة السند سقطت من المطبوعة وأثبتناها من (ز)، (د)، وهي كذلك في نسخة آيا صوفيا التي اعتمد عليها محقق المطبوعة.
1 / 27