Khulasa Yawmiyya Wa Shudhur
خلاصة اليومية والشذور
Noocyada
الفصل الأول
خلاصة اليومية
الجامعة الإنسانية
إن انفراد كل صقع بخصوصية تميزه عن سواه، وتقدم الناس إلى الاشتراك جميعا في الحاجة إلى تلك الخصوصيات بنسبة اتساع مطالبهم تبعا لتقدم العمران؛ مما يدل على أن كل الناس مرتبطون بكل الأرض، وأن حواجز الأوطان ستطمس معالمها لتصير الأرض الوطن العام لنوع الإنسان.
وهذه الحركة الاقتصادية التي جاذبت بين أبعد الشعوب لتبادل المنفعة ستؤدي حتما إلى توحد المصالح العامة بين الأمم؛ بحيث تتضامن كلها في الانفعال بالعوامل الاقتصادية التي تؤثر على بعضها، وهو ما يؤذن بانقضاء الحروب وسيادة السكينة والسلام.
وما زالت العوامل الاجتماعية منذ القدم تقذف بالإنسان في دائرة أشبه بزرد الماء يتسع محيطها شيئا فشيئا؛ فيشمل في كل دور ما كان خارجا عنه في الدور الذي تقدمه، فأن تكون القبيلة من العائلة والشعب من القبيلة والأمة من الشعب والجامعة من الأمة يؤذن بأن الخطوة التالية ستتقدم بنا إلى الغاية التي طالما اشتغل كبار المصلحين لتحقيقها؛ وهي دخول أمم الأرض جمعاء تحت لواء جامعة واحدة، وهي الجامعة الإنسانية.
الفضيلة والرذيلة
الفضيلة والرذيلة كلمتان لما اصطلح جماعات الناس على الاعتراف به أو إنكاره باعتبار نفعه أو ضرره، والمعروف والمنكر وهما من مرادفاتهما في العربية تؤديان هذا المعنى تمام الأداء، فما كان يعد فضيلة عند قوم يعد رذيلة عند قوم آخرين تبعا لما ينجم عنه من النفع أو الضرر عند كل منهما، وربما العمل الواحد في الأمة الواحدة يعتبر فضيلة في هذا الزمن أو ذاك ورذيلة في زمن آخر.
انحطاط الشرق
علة انحطاط الشرقيين أنهم جعلوا لتنازع البقاء ميدانين، فلم يبالوا أن يخسروا الصفقة في هذا العالم ليغنموها في العالم الآخر، وساعدهم على ترك الاشتغال بشئون هذا العالم أن خصب الطبيعة في الشرق قد جعل طلب الضرورات المعيشية مما لا يلجئ إلى التدافع والزحام، كما هي الحالة في الأصقاع التي لا يأتي فيها استثمار الرزق وتوفير أسباب الحياة إلا بوسائط الكد والاستنباط، فكانت الدعة والرخاء من أكبر العوامل التي صرفتهم عن عالمهم إلى تطلب السعادة الكمالية في سواه.
Bog aan la aqoon