Khadka iyo Isbedelka Bulshada
الخطاب والتغير الاجتماعي
Noocyada
الواقع أني لم أتلق تعليقات غير ذلك.
الضابط :
هل تقول إن أحدا لم ينبهك من قبل إلى وجوه تقصيرك؟
إن الضابط يقدم في النوبتين صياغة لأقوال الشرطي، والنوبتان تعتبران (كما يتضح في الحالة الثانية من المقتطف عاليه) إعادة صياغة جوهرية لما قاله الشرطي في الواقع، وتهدفان بوضوح إلى جعل الشرطي يزيد من صراحة ما «يقوله».
وحتى حين تكون الصياغة غير متعلقة بالرقابة بصفة خاصة، فإنها تقوم في حالات كثيرة بوظيفة تحكم كبرى في التفاعل، ويتبدى ذلك في محاولات بعض المشاركين قبول غيرهم لمفهومهم عما قيل، أو لما حدث أثناء التفاعل، وهو ما من شأنه تقييد خيارات الآخرين لصالح من يقدمون تلك الصياغات، ولا يقتصر قيام الصياغة بهذه الوظيفة على المقابلات الشخصية الخاصة وجلسات الاستجواب، بل يشمل المقابلات الإذاعية أيضا. (7) الأبنية النوعية
إن صادفنا مقولة معينة عن العالم مثل مقولة «الأرض مسطحة»، فلنا إما أن نقبلها بعبارة قاطعة («إن الأرض مسطحة») أو ننفيها («ليست الأرض مسطحة») ولكن لدينا طرائق أقل دلالة على القطع في الأمر، وأقل حسما بدرجات متفاوتة للتعبير عن الالتزام بصدق هذه المقولة أو كذبها، كأن تقول «ربما تكون الأرض مسطحة»، أو «من المحتمل» أو «من الممكن» أو «من الجائز» على سبيل المثال. هذا هو مجال «النوعية»، وهو البعد النحوي للعبارة الذي يقابل وظيفة الصلة «ما بين الأشخاص» التي تقوم بها اللغة، أي إن على منتج النص أن يحدد عند نطقه بأية مقولة درجة «ارتباطه» بالمقولة، والارتباط هو المصطلح الذي وضعه هودج وكريس (1988م، 123)، وهكذا فإن لكل مقولة منطوقة خصيصة «نوعية» أو قل: إن قائلها يمنحها «نوعية» محددة.
وتقول تقاليدنا: إن النوعية في النحو ترتبط باستعمال «الأفعال النوعية المساعدة» (في اللغة الإنجليزية وأقرب ما يقابلها بالعربية هو الفعل «الناقص» يكون) («يجب»، «يجوز»، «يستطيع»، «ينبغي» وهلم جرا)، وهي وسائل مهمة لتحقيق النوعية، ولكن المدخل المنهجي للنحو الذي يستند إليه هودج وكريس (1988م) يؤكد أن استخدام الأفعال النوعية المساعدة يمثل معلما واحدا وحسب من المعالم الكثيرة للنوعية (انظر هاليداي، 1985م، 85-89). فالزمن معلم آخر، فالمثال الوارد في الفقرة الأخيرة يوضح دلالة الزمن الحاضر «البسيط» (الذي يعبر عنه بالإنجليزية الفعل «يكون» الذي لا يظهر في البناء العربي من المبتدأ والخبر)، إذ يدل على النوعية القاطعة ولدينا أيضا مجموعة من الأبنية النوعية التي يعبر عنها الحال (في الإنجليزية وأشباه الجمل بالعربية مثل «من المحتمل» و«من الممكن» و«من الواضح» و«من المقطوع به») أو الصفة المعادلة لها (بالإنجليزية وقد تقابلها أفعال مضارعة بالعربية مثل «يحتمل» و«يرجح» و«يمكن» «أن تكون الأرض مسطحة») وإلى جانب هذه البدائل، توجد طرائق منوعة لا تتميز بالتركيز للتعبير عن درجات ارتباط متفاوتة مثل أساليب المراوغة بعبارات مثل «نوع من»، و«إلى حد ما»، و«أو شيء من هذا القبيل»، ومثل أنساق التنغيم في النطق، ونبرات التردد، وهلم جرا. وقد مر بنا نموذج للمراوغة في العينة الأولى عندما شرحت المريضة «حموضة المعدة» بأنها «حرقان شيء مثل الحرقان أو شيء من هذا القبيل».
وقد تكون الصيغة النوعية «ذاتية»، بمعنى التصريح بالطابع الذاتي لدرجة الارتباط المختارة مع إحدى المقولات: «أظن/أتصور/أشك أن الأرض مسطحة» (ونحن نتذكر أيضا قول الطبيب «أظن أنه من الحكمة» في العينة الثانية). وقد تكون الصيغة النوعية «موضوعية»، بمعنى أن يكون هذا الطابع الذاتي مضمرا وحسب، «قد تكون الأرض/من المحتمل أن تكون مسطحة». ومن الواضح في حالة النوعية الذاتية أن الصيغة تعبر عن درجة ارتباط المتكلم بالمقولة، وأما في حالة النوعية الموضوعية فربما لا يتضح صاحب المنظور الذي تعبر عنه هذه الصيغة، أي إذا كان المتكلم يعبر عن منظوره باعتباره المنظور العام، أو إن كان ينقل منظور فرد آخر أو مجموعة أخرى، واستخدام صيغة النوعية الموضوعية كثيرا ما يوحي بشكل من أشكال السلطة.
من الشائع تحقيق الصيغة النوعية بعدد من المعالم في عبارة منطوقة أو جملة واحدة. انظر مثلا إلى القول التالي: «أظن أنها كانت مخمورة بعض الشيء، ألم تكن كذلك؟» تجد أن مستوى الارتباط المنخفض يتمثل في معلم النوعية الذاتية («أظن») وفي المراوغة («بعض الشيء») وبإضافة السؤال الختامي إلى القول «ألم تكن كذلك؟»
ولكن قضية النوعية لا تقتصر على التزام المتكلم أو الكاتب بالمقولات، إذ إن منتجي النص يفصحون عن التزامهم بالمقولات في أثناء تفاعلهم مع غيرهم، وكثيرا ما يصعب الفصل بين ما يعبرون عنه من ارتباط بالمقولات وبين إحساسهم بالارتباط بمن يتفاعلون معهم أو التضامن معهم، فإن العبارتين «أليست جميلة؟!» أو «إنها جميلة، أليست كذلك؟!» أسلوبان للتعبير عن مستوى الارتباط المرتفع بمقولة «إنها جميلة»، ولكنهما تعبران أيضا عن التضامن مع من يتكلم المرء معه. والأسئلة المنتمية إلى هذا النوع (السؤال المنفي، والمقولة المثبتة المذيلة بسؤال منفي، وكل منهما يتوقع إجابة مثبتة) تفترض سلفا أن المتكلم ومن يحادثه يشتركان في الارتباط الشديد بالمقولة (وإذا افترضنا أن إجابات الأخير معروفة مقدما) فإن أمثال هذه الأسئلة تطرح لتبيان هذا الارتباط والتضامن لا من أجل الحصول على معلومات. وهكذا فإن التعبير عن مستوى الارتباط العالي قد لا تكون له علاقة بالتزام المرء بإحدى المقولات، بل قد يقصد به التعبير عن التضامن (هودج وكريس، 1988م، 123). وعلى العكس من ذلك، نرى أن المثال المقتطف من العينة الأولى الذي أشرت إليه لتوي («حرقان شيء مثل الحرقان أو شيء من هذا القبيل») يبين أن انخفاض مستوى الارتباط بالمقولة قد يعبر عن نقص السلطة، لا عن نقص الاقتناع أو المعرفة، وأن ما يزعم بأنه معرفة (ومن ثم أنه تعبير عن ارتفاع مستوى الارتباط بالمقولة) يعتمد على علاقات السلطة. والنوعية تمثل إذن نقطة الالتقاء في الخطاب بين الدلالة على الواقع وبين التطبيق للعلاقات الاجتماعية، أو إذا عبرنا عن ذلك بمصطلحات علم اللغة المنهجي قلنا: إنها نقطة التقاء بين الوظائف الفكرية للغة ووظائف اللغة فيما بين الأشخاص.
Bog aan la aqoon