[330]
ولا تكون الدية فى مال المقر .
وأما المسلم يصيب النصراني ، أو اليهودى ، أو المجوسي خطأ ، فما بلغ ثلث دية المجني عليه فما فوق ذلك ، فإن عاقلة المسلم تحمله . وقيل : إن العاقلة لا تحمل ما أصابهم به المسلم . وروى ذلك عن مالك ، وابن القاسم ، لأن ذلك فى مال الجاني .
باب ثلاث خصال فى العمد :
والعمد تحمله العاقلة : ما أصاب الصبي عمدا من قتل ، أو جراح ، يبلغ ثلث الدية ، فهو على العاقلة كالخطأ ، والمجنون كذلك ، وكل ما يجنيه الرجل عمدا ، فلا يكون فيه قصاص ، وفي جسد الجاني ، مثل الذي جنى عليه ، ولا يكون للمجنى عليه أن يقتص منه ، فعقل ذلك على عاقلة الجاني ، إذا بلغت الجناية ثلث الدية ، فمائة فوق ذلك مثل : المأمومة ، والجائفة ، وما لا يستطاع منه القود مما يخاف أن يكون متلفا ، وقد كان مالك يرى ذلك فى مال الجاني ، إذا كان له مال ، وإن لم يكن له مال ، فعلي العاقلة ، ثم رجع فرأى ذلك على العاقلة ، وإن كان له مال .
وأما إذا لم يكن له مال يقتص منه فى جسد الجاني ، ولو كان قائما يقتص منه ، فإن عقل ذلك فى مال الجاني /166/ العبد ، فإن قتله على ماله قتل غيلة : قتله السلطان ، وإذا جرح العبد حرا فلا قود فيه ، وعليه الأدب فى العمد ، ويخير سيد العبد فى أن يفتكه بجنايته ، أو يسلمه إلى المجني عليه فى الخطأ والعمد .
[330]
[331]
وإذا قتل حرا قتل به ، إلا أن يستحييه أولياء الميت ، فإن استحيوه : كان سيده بالخيار بين أن يفتكه بجميع دية الميت ، أو يسلمه إلى ورثة الميت ، ويضرب مائة ، ويسجن عاما فى العمد .
باب القصاص بين العبيد :
والقصاص بين العبيد ، كقصاص الأحرار بينهم ، ويخير سيد العبد المجنى عليه فى الجراح والنفس : إن شاء استقاد ، وإن شاء أخذ عقل عبده .
فإن أراد العقل : كان سيد العبد الجاني بالخيار : إن شاء افتدى عبده بعقل الجناية ، وإن شاء أسلمه .
باب الجناية على أم الولد ، والمكاتب ، والمدبر :
وعملهم فى الجنايات ، عمل العبيد على الجاني ، ما نقصهم في الجناية ، وقيمتهم فى القتل ، غير أن العبد المدبر يقوم قيمة عبد ، وأم الولد تقوم بقيمة أمه ، وأما المكاتب فإنه يقوم قيمة مكاتب على هيئته التي كان عليها ، أو على قوته على الأداء ، ولا ينظر إلى ما أدى أولا ، أوإلى ما بقى . ويقال : ما سوى هذا المكاتب ، وقيمته رقبة كذا ، وقوته على أداء كتابته كذا ، فعلى ذا يقوم ، ويأخذ السيد عقل ما جنى عليهم ، ويحاسب سيد المكاتب بما أخذ من عقل جنايتهم فى آخر نجومه ، وكذلك سيده الجاني على المكاتب ، كان ذلك بمنزلة الأجنبي ، ما لم تكن الجناية من السيد على
[331]
[332]
وجه المثلة التي يجب /167/ فيها عليه .
باب جناية أم الولد ، والمكاتب ، والمدبر :
إذا جنت أم الولد ، ثم جنت ، فلم يحكم السلطان بشىء في الأول ، حتى جنت الثانية ، ولا فى الثانية ، حتى جنت الثالثة ، قاموا عليه ، وجناية كل واحد مثل قيمة أم الولد أو أكثر ، فليس على السيد إلا أن يخرج قيمتها يوم يحكم فيها ، ولا تقوم بمالها ، ويتحاصون فى قيمتها . ونصيب كل واحد منهم بقدر جنايته .
وإن جنت أم الولد ، فحكم السلطان على السيد بالجناية ، فإن خرج قيمتها ثم جنت بعد ذلك ، فإن على السيد أن يخرج عقل جنايتها ، إلا أن تكون الجناية أكثر من قيمتها ، فليس عليه أن يخرج أكثر من قيمتها .
وإذا قتلت أم الولد رجلا عمدا ، فعفا ولى القتيل على أن يأخذ قيمتها ، لم يلزم ذلك السيد إذا أبي ، وكان المولي أن يقتل ، أو يعفو ، فلا شىء له . وقيل : على السيد أن يقتلها بالأقل من القيمة أو الدية .
وإذا جنى المكاتب قيل له : أد الجناية ، وتبقى على كتابتك ، فإن عجز عن ذلك رجع رقيقا ، وخير سيده أن يدفع ، أو يفديه .
وإذا جنى المدبر : خير سيده بين أن يفديه ، أويسلم خدمته ، وإن أسلم خدمته ، أخدمه المجني عليه ، ويحسب أجرة خدمته ، وإن أدى في حياة سيده : يرجع إليه مدبرا ، وإن مات سيده قبل ذلك ، وخرج حرا من الثلث : أتبعه المجنى عليه ما بقى من الجناية دينا .
[332]
[333]
وإذا كان على السيد دين يغترق قيمة المدبر ، أو كان الدين فيما بقي من الجناية ، يغترقان قيمته ، فالمجنى عليه أولى برقبته ، إلا أن يزيد أصل الدين على أرش الجناية ، فيحط ذلك /168/ عن الميت ، فيكونون أولى بالعبد.
وإذا كان الدين ، والجناية ، لا يغترقان قيمة المدبر : بيع منه الجناية والدين ، ثم يعتق ثلثه ما بقى .
باب دية أهل الكتاب والمجوس :
ودية أهل الكتاب على النصف من دية المسلمين ، ودية نسائهم على نصف دية نساء المسلمين ، وجراحاتهم فى دياتهم ، ودية الذكران من المجوس : ثمانية مائة درهم ، ودية أهل الكتاب : أربع مائة درهم ، وجراحاتهم فى دياتهم ، على قدر جراحات المسلمين فى دياتهم .
وإذا جنى اليهودي ، أو النصراني ، أو المجوسي ، جناية خطأ على مسلم ، يبلغ ثلث دية الجاني فما فوق ذلك : كانت الجناية هلى أهل جزيته ، وهم أهل كورته الذين خراجه معهم . ولا يقتل مسلم بكافر ، إلا أن يقتله قتل غيلة ، فيقتل به ، فإنما يقتل بسبب فساد الطريق ، فإذا لم يقتله قتل غيلة ، أو عمد ، أو كان عليه ديته ، ضرب مائة ، وسجن عاما .
[333]
[334]
باب دية العفو فى قتل العبيد :
وإذا عفا الرجل عن قاتله : جاز ذلك به ، وكان أولى بدمه من أوليائه بعده .
وإذا كان للقتيل ولي واحد ، فعفا عن أن يأخذ الدية ، وأبي القتيل ، وقال القاتل : لا أدفع إليك شيئا فاقتلنى ، وإن شئت فدع ، فذلك للقاتل، وليس للمولي إلا أن يعفو ، أو يقتل ، وهو قول أصبغ . وقال ابن القاسم : يجبر على عطاء الدية ، لأن الله عز وجل قال : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وبه قال أشهب .
فإن كان للمقتول أولياء فعفا أحدهما ، كان على القاتل أن يدفع إلى الولي الثاني حقه من الدية ، لأنه لا يقدر على أن يقتص منه ، فلا يبطل حقه وهو يبطله .
فإذا كان للقتيل بنون وبنات ، فعفا بعض البنين ، كان ما بقي من الدية /169/ بعد نصيب الذي عفا موروثا على فرائض الله عز وجل ، ويدخل فيه النساء ، فإن عفا البنون الذكور كلهم ، من غير أن يشترطوا الدية جاز عفوهم على البنات ، ولم يكن لهن شىء من الدية ، فإن عفوا على أن يأخذ الدية أو دونها ، أو فوقها ، كان ذلك كله موروثا بين جميع ورثة القتيل : من الرجال والنساء ، ويدخل فى ذلك امرأته ، والأخوة ، والأخوات ، بمنزلة البنين والبنات .
[334]
[335]
وإذا كن بنات ، وعصبة ، وأخوات ، وعصبة ، فلا عفو للبنات ، ولا للأخوات ، إلا بالعصبة ، ولا عفو للعصبة إلا بالبنات ، وبالأخوات ، إلا أن يعفو بعض البنات ، وبعض العصبة فيمضي لمن بقي من البنات ، والأخوات ، والعصبة بأنصبائهم من الدية .
وإن كان للقتيل ابنة وأخت ، فالقتيل دون قسامة العصبة ، فإن الابنة أولي من الأخت بالقتل أو العفو ، ولا حق للعصبة فى ذلك .
وإذا أقسم العصبة : لم يكن للأبنة أن تعفو دونهم ، ولا للعصبة دونها ، ولا عفو إى باجتماع منها ومنهم ، أو منها أو من بعضهم ، وقيل : إذا أقسم العصبة فلا حق للنساء فيه ، ولا كلام ، وإذا اجتمع الأب والبنات فلا عفو له إلا بهن ، ولا بهن إلا به ، وإذا كان الأب والأم ، فعفا الأب : فلا حق للأم معه فى حق ، ولا قيام ، والأخوة مع الأب بمنزلة الأم مع الأب ، وإذا كان الأب ، والولد الذكر ، فلا حق للأب فى عفو ، ولا قيام ، والجد مع الأخوة بمنزلة أخ ، وكل من قتل عمدا فعفى عنه ، وكان القتل ببينة تثبت عليه ، أو بقسامة له يستحق بها الدم ، أو بإقرار من القاتل : فإنه يضرب مائة ، ويسجن عاما
تم الكتاب والحمد لله رب العالمين .
Bogga 96