أقاما كالسّوارينِ استدارا ... على [كفيه]، أو كالدُّ ملجينِ
أيا متنزهيْ في دير زكّي ... ألمْ تكُ نزهتي بكَ نزهتينِ؟
أردِّدُ بين وردِ نداكَ طرفًا ... يردّدُ بينَ وردِ الوجنتينِ
ومبتسمٍ كمنظميْ أقحوان ... جلاهُ الطّلُّ بينَ شقيقتينِ
ويا سفنَ الفراتِ بحيثُ تهوي ... هويَّ الطّير بينَ الجهتينِ
تطاردُ مقبلاتٍ مدبراتٍ ... على عجلٍ تطاردُ عسكرين
ترانا واصليك كما عهدنا ... وصالًا، لا ننغّصه ببينِ؟
ألا يا صاحبيَّ خذا عناني ... هواي، سلمتما من صاحبينِ
لقد غصبتني الخمسونَ فتكي ... وقامت بينَ لذَّاتي وبيني
وكانَ اللهوُ عندي كابن أمّي ... فصرنا بعد ذاك كعلتين
وللصنوبري أيضًا في هذا الدير:
يا ديرَ زكي، كنتُ أحسنَ مألفٍ ... منَّ الزمانُ بهِ على إلفين
وبنفسي المرج الذي ابتسمتْ لنا ... جنباتهُ عنْ عسجدٍ ولجين
لو حملَ الثقلان ما حملتُ منَ ... شوقٍ، لأثقل حملهُ الثقلينِ
وله فيه أيضًا:
كمْ غدا نحو ديرِ زكّي من قل؟ ...؟بٍ صحيحٍ، فراحَ وهو حزينُ
لوْ على الدَّير عجتَ يومًا لألهت؟ ...؟كَ فنونٌ، وأطربتكَ فنون
وذكر أمير المؤمنين الرشيد هذا الدير في شعر له فقال:
سلامٌ على النازحِ المغتربْ ... تحيةَ صبَّ بهِ مكتئبُ
غزالٌ مرابعهُ بالبليخِ، ... إلى ديرِ زكي، وجسرِ الخشبْ
أيا منْ أعانَ على نفسهِ ... بتخليفهِ طائعًا منْ أحبَّ!!
سأسترُ، والسّترُ من شيمي ... هوى منْ أحبُّ لمنْ لا أحبُّ
١١١ ودير زكي: بغوطة دمشق، مر به عبد الله بن طاهر، مع أخيه، فشربا فيه، ثم خرجا إلى مصر، فكانت وفاة أخيه بها، فلما رجع عبد الله، اجتاز بالدير، ونزل فيه، فتذكره أخاه، فقال:
أيا سروتي بستانِ زكّي سلمتما ... وغالَ ابنَ أمّي نائبُ الحدثانِ
ويا سروتي بستانِ زكّي سلمتما ... ومنْ لكما أنْ تسلما بضمانِ
وهو يخاطبُ سروتينِ قديمتينِ، كانتا بالدير.
١١٢ دير الزند ورد: قال الشابشتي: هو في الجانب الشرقي من بغداد، وحدها من باب الآزج إلى الشفيعي وأرضها كلها فواكه وأعناب وأترج. وأعنابها من أجود الأعناب التي تعصر ببغداد. وفيها يقول أبو نواس:
فسقني من كرومِ الزند وردِ ضحىً ... ماءَ العناقيد في ظلِّ العناقيدِ
قلت أنا: والمعروف أن الزند ورد مدينة إلى جنب واسط، من أعمال كسكر. ذكر ذلك ابن الفقيه.
ولهذا الدير أعياد مشهودة. قال الشابشتي: حكى عبد الواحد بن طرخان، قال: خرجنا إلى دير الزند ورد في بعض أعياده، ومعنا جحظة البرمكي في جماعة، فنزلنا موضعًا حسنًا، ووافقنا فيه جماعة من ظرفاء بغداد، لهم معشوقات حسان الوجوه والغناء، فأقمنا في الدير أيامًا طيبة، وفي أطيب عيش، نشرب ونلهو. وقد قال جحظة شعرًا يذكر أيامنا فيه، ومتعنا ولهونا، وهو:
سقيًا ورعيًا لدير الزند ورد وما ... يحوي ويجمعُ منْ راحٍ وريحانٍ
ديرٌ تدورُ به الأقداحُ مترعةً ... منْ كفِّ ساقٍ غضيض الطّرفِ وسنانِ
والعودُ يتبعهُ نايٌ يوافقهُ ... والشدْ ويحكمهُ غصنٌ من البانِ
هذا ودجلةُ للرائين مبهجةٌ ... والطّيرُ يدعو هديلًا بين أغصانِ
برٌ وبحرٌ فصيدُ البرِّ مقترب ... والبحرُ يسبحُ شطّاهُ بحيتانِ
١١٣ دير زور: بتقديم الزاي وضمها، وسكون الواو وراء في آخره. كذا وجدته مضبوطًا بخط ابن الفرات. قاله الساجي.
ونقل المدائني عن أشياخه أن عمر بن الخطاب ﵁ بعث شريحًا، أحد [بني] سعد بن بكر إلى البصرة في سنة أربع عشرة، وقال له: كن رداءًا للمسلمين، فانطلق إلى الأهواز، فقتل في دير زور.
١١٤ دير سابا.
١١٥ دير السابان: بين حلب وأنطاكية، وهو دير رمانين، وقد ذكرته من قبل. قالوا: تفسيره بالسريانية (دير الشيخ)، وفيه يقول حمدان الحلبي:
ديرُ عمانَ وديرُ سابانِ ... هجنْ غرامي، وزدنَ أشجاني
إذا تذكرتُ منهما زمنًا ... قضيتهُ في عرامِ ريعاني
١١٦ دير سابر: بضم الباء الموحدة، قرب بغداد، قال الشابشتي:
1 / 35