Khawatir Khayal
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Noocyada
ترى أن النتيجة التي ترجمنا للقراء نصفها لا ترتبط بالكتاب ولا يستنتج منها شيء يدل على مرمى الكتاب، بل هي في حد نفسها قطعة شعرية بديعة منثورة، وكذلك اسم رقص الأموات لا ينطبق على الكتاب، ويستنتج مما سردناه أن الكتاب أدبي محض، سلس العبارة، مكتوب بذوق سليم يشهد ببراعة الكاتبة، وللكاتبة عدة مؤلفات غيره لم تطبع وهي: أولا: روح الإنسان هي مقدار من كهرباء ومغناطيس الطبيعة المكتشفة. ثانيا: وحدة الدين واللغة والمنشأ. ثالثا: تولد المركبات من الاختلاط أو النمو التدريجي للطبيعة. رابعا: مدة وجود روح الإنسان، أو تأثير استدعاء الأرواح والتنويم المغناطيسي. (5) كيف ننهض بالبيان؟
قرأت منذ أيام بجريدة السياسة الغراء ما دار من المناقشات حول «أسلوب في العتب» و«الجمال والحب»، ومقارنة الأستاذ الفاضل الدكتور طه حسين بين الرسالتين ، وما سرده من طلي التحليل وصريح الحكم دون محاباة وخدمة للأدب، وقد ختم الموضوع بنداء للكتاب لإبداء آرائهم في علاج ما انتاب أساليبنا الإنشائية من الأدواء، فلبيت نداءه مبديا رأيي الضعيف فلربما صادف قليلا من الفائدة المنشودة.
يحسن بنا قبل وصف الدواء أن نشرح الداء ونستعرض بعضا من أنواع الكتابة الممقوتة في وقتنا الحاضر، وهي تشمل نوعين: أحدهما للجامدين المحافظين على القديم، والثاني للحديثين المحمومين.
دار الفلك آلافا من دوراته وتغير وجه الأرض وما تقله من كائنات ومعالم وآثار سائرة كل يوم في سبيل الاستحالة والتجدد والارتقاء إلا الجامدون لم يتزعزعوا عن عقيدتهم.
درس هؤلاء على أساتذة من شاكلتهم؛ فسمموا عقولهم بحب القديم، وقتلوا خيالهم وعواطفهم، وأرشدوهم إلى الكتب القديمة التي تماثل مشاربهم، فأغرقوا لهم في مدحها، وصحبوهم إلى مجالس الجامدين من أمثالهم فاتخذوهم أصدقاء، وظلوا يأتمرون ليل نهار إلى عبادة القديم والاستهزاء بكل حديث، وسرى هذا الداء في دمهم فلا سبيل إلى شفائهم وانتشالهم من الضلال.
نلاحظ في الجامدين أنهم إذا أرادوا أن يكتبوا شيئا استملوا محفوظاتهم من الرسائل والمقامات والأشعار السخيفة التي حفظوها عن ظهر قلب، أو قلدوها بتغيير طفيف دون أن يعرفوا لهم خيالا يناجونه، أو وجدانا ينصتون إليه.
ومن هؤلاء فئة حفظوا كثيرا من السجعات الموسيقية التركيب الخالية من المعنى والمبنى، مثل: «نسيم الصبا»، و«لوعة الشاكي ودمعة الباكي» وما شاكلهما، فيرتبونها بشيء من الحذق، وهؤلاء لا يخدعون إلا السذج من الجامدين، وما فتئوا معروفين بجمودهم عند الأفاضل من الكتاب.
أما الفريق الثاني وهم الحديثون المحمومون فكثير منهم يرصون الجملة فوق الجملة وكل منها في سطر على نمط الشعر، وهي على انفرادها أو في مجموعها كأنها بحران مصروع أو هذيان محموم.
ابتدأ ظهور هذا النوع منذ بضع سنين في مجلة السفور، ثم انتشرت جراثيمه وانتقلت إلى بعض المجلات الأخرى انتشار الطاعون، ويا ليته اقتصر على الصحافة بل طبعت منه كتب وأهدي إلي اثنان منها على كره.
ومن هذا الهذيان نوع آخر لا يتعدى الحب والألم والفراق والروض والندى والشفق يتخلله شيء من المداعبة الباردة والفكاهات السمجة، وإن فتشت فيه لم تجد جملتين مرتبطتين بعضهما ببعض، أو معنى مسلسلا، أو خيالا مفهوما.
Bog aan la aqoon