Khawatir Khayal
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Noocyada
قوة الأصوات؛ أي درجتها في الحدة أو الضخامة، تكون مناسبة لقوة الشعور المعبر عنه، فإن كان الإنسان لم يحدث له انفعال فإنه لا يفكر تقريبا في الكلام، كما أن البلادة يصحبها عادة الصمت، وعدم تأثر أصحاب الوساوس والشكوك يجعلهم يتكلمون بصوت منخفض، وكذلك الذين يراعون آداب المعاشرة، أما الانفعال فإنه يوقد الفؤاد والصوت، والألم يوجب الصياح.
علو الأصوات محدود بأسباب قوتها؛ إذ يرتفع الصوت بدرجة الانفعال فترى الآلام إذا تتابعت مع ازدياد تتابع الصياح متنقلا في الزيادة من درجة إلى أخرى أحد منها، وفي الموسيقى كلما ارتفع الصوت واشتد كان أكثر تعبيرا.
للأبعاد الموجودة بين الأصوات دور مهم في اللغات فإنها هي التي تمنحها أشكالها وحياتها؛ لأنها تمثل درجة الانفعال، فترى السذج ذوي التأثر البطيء لا يستعملونها إلا قليلا، وبالعكس يكثر استعمالها أصحاب الشعور الراقي السريعو التأثر.
الأبعاد إما أن تكون صاعدة أو هابطة فيختلف اتجاهها حسب المقام، فإن كان الشعور في نمو وتحقق علا الصوت، وإن خمد الشعور هبط الصوت، ويلاحظ عادة أن الجمل تنتهي بأبعاد هابطة.
الأصوات من وجهة طولها أو اتصالها إما أن تكون متقطعة أو متصلة، وذلك مرتبط بكيان الشعور الذي ينتجها، فالضحك يعبر عنه في الكلام الاعتيادي بحلقات من أصوات متقطعة، وبالعكس يعبر عن الأنين بأصوات متصلة، فالتعبير بهذا الشكل موجود أيضا في الموسيقى.
ولرنين الأصوات أهمية عظمى في الكلام، فيختلف بالنسبة إلى المناخ والجنس والعمر والذكورة والأنوثة، وصفات العواطف وطبائعها ودرجتها، وحالة الإنسان النفسانية التي كان عليها وقتما انبعث منه الصوت.
أظهر البحث في رنين الصوت عنصرين؛ أحدهما نتيجة للتركيب الطبيعي ثابت لا يتغير، والثاني نشأ من الظروف ويتأتى تغييره لدرجة غير محدودة، فيشمل الرنين في الوقت نفسه الجزء الدائم الثابت والجزء المتحول من حياتنا الطبيعية والأدبية، فهو للكلام بمثابة اللون للوجه.
إذا سمعنا شخصا يتكلم دون أن نراه فإننا نستطيع أن نحرز غالبا من لون كلامه إن كان ذكرا أو أنثى، ونقدر عمره بالتقريب وعواطفه الحالية وشيئا من أخلاقه.
إن الملاحظات التي تبديها دراسة تنوع رنين الكلام وعلاقته برنين العواطف قد أسعدت الروائيين والممثلين بنفحات عظيمة، وجعلت الروايات الصغيرة التي يمثلها شخصان أو ثلاثة سارة جذابة؛ إذ تستطيع فيها فتاة لا تجاوب على كل ما تسأل عنه إلا بكلمة واحدة «يا سيدي»، ولكنها متنوعة الرنين حسبما توحيه العواطف فتدل على الاحتشام والدهش والحسرة والخوف والسرور والحب وغير ذلك.
وللكلام حركة تنشئها درجة الانفعال أو طبيعته أو أسباب خارجية، فنرى أن المحادثة مع شخص عديم المبالاة والاهتمام لا يشغل باله شيء تطول إلى أن تصير غير محتملة، ومخاطبة الذين يختالون في برود شبابهم وهناءتهم تكون أكثر احتدادا، ولهجة الذين تملكتهم العواطف الهائجة تكون محتدمة سريعة.
Bog aan la aqoon