Khawatir Khayal
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Noocyada
(1) برليوز «رواية تمثيلية جديدة ذات أربعة فصول وتسعة عشر منظرا للكاتب الشهير شارل ميريه»
مثلت لأول مرة بمسرح بورت سان مرتان في 22 يناير سنة 1927.
بزغ «الرومانتيسم» في أفق فرنسا في أوائل القرن التاسع عشر على يد ثلاثة من كبار الزعماء، فتملك فكتور هوجو دولة الشعر، وهكتور برليوز دولة الموسيقى، وأوجين دولاكروا دولة التصوير، وقد جعل التاريخ برليوز مساويا تقريبا لفكتور هوجو في الشهرة، وما زال ليومنا هذا صاحب التاج والصولجان للموسيقى الفرنسية، ولقد عبر عنه بعض النقاد بأنه «الرومانتيسم» المجسم، وصوره آخر بأنه «روسو» المستيئس الذي يقوده إلهام عنيف صوب المدركات الموسيقية، وكان عنده الخيال أقوى من روح النقد، وحماسة الخيال الشعري أجود من السيادة الفنية.
ترى في برليوز أن الفن والرجل ليسا إلا وحدة لا تتجزأ، لا تختلف ولا تتنافر، إذ كانت حياته النفسية في اشتعال وتوهج وخياله معذبا وحساسيته مرهفة، وكانت له مزية خاصة، إذ يشعر ويتألم في الموسيقى، له ذوق يميل دائما للعظمة، وفؤاد عميق قلق مضطرب يعرف منتهى الحنان وأقصى الشقاء، ولقد ذاقت نفسه الأمرين بصبر جميل وشمم عظيم.
ومن مميزات برليوز أنه أنشأ فن توزيع الموسيقى على الآلات ونظم له قواعد وأصولا، وقد وضع فيه كتابا عظيما سماه: «كتاب الفن العصري لتوزيع الموسيقى على الآلات».
وقد ذاعت شهرة برليوز في النقد وكان من أقدر كتاب عصره، وما فتئت مؤلفاته في النقد والتحليل تشهد له بالفضل الخالد، وكان يحرر في عدة جرائد منها: «جازيت موزيكال» و«جورنال دي ديبا» وغيرهما، وكان ظريف الأسلوب خفيف الروح، وتقع مؤلفاته في عشرة مجلدات تقريبا منها رسائله ومذكراته و«خلال الغناء» و«الموسيقى والموسيقيون» و«ليالي الأوركستر» و«سخفاء الموسيقى» وغيرها.
كان لبرليوز كثير من الأصدقاء وأغلبهم من نوابغ عصره، مثل: فكتورهوجو، والكونت ألفريد دوفيني، وليزت، وشوبان، وباجانيني، وإيميل، وأنتوني ديشان، ولوجوفيه، وبريزو، وأوجين سو وغيرهم، وكان له أعداء يمقتونه مثل: كيروبيني، وكان مديرا لكونسرفاتوار باريس، وكان يتصنع له صداقة ملؤها اللؤم والخسة، وفيتيس الذي كان وقتئذ مدرسا بالكونسرفاتوار ثم عين في سنة 1832 مديرا للكونسرفاتوار ببروكسيل ورئيسا لكنيسة ملك بلجيكا لم يكن أقل عداء له من كيروبيني.
لا ينكر أحد أن فتيس كان عالما نحريرا في الموسيقى، ولكنه لم يفلح في التلحين رغما من كثرة مؤلفاته من أوبيرات وقطع متنوعة، وقد قضي على جميع مؤلفاته في وقتها، ولو أن هذا الرجل كان بلجيكيا لكنه تلقى دروسه الموسيقية في كونسرفاتوار باريس وحاول أن ينال جائزة روما الأولى فلم يفلح، إذ دخل في المسابقة سنة 1806 فأخذ الجائزة الثانية من الدرجة الثانية، وفي سنة 1907 أعاد الكرة فلم يفلح أيضا وأخذ نفس الجائزة؛ أي الثانية من الدرجة الثانية.
أما برليوز فإنه أخذ سنة 1828 الجائزة الثانية من الدرجة الأولى، ولكنه دخل في مسابقة سنة 1830 فنال جائزة روما الأولى التي تعطي الحق لحاملها في أخذ مرتب مدى أربعة أعوام، كما أنه يعطى مصاريف السفر إلى روما ذهابا وإيابا، أكل الحسد صدر فيتيس، إذ رأى برليوز سائرا في سبيل الرقي والشهرة بخطوات واسعات، فأخذ يحمل عليه حملات عنيفة ملؤها الحقد والجبن حتى إنه انتقد السانفوني «فانتاستيك» في جريدة الطان بعنوان يدل على سخافته وهو: «ليس برليوز بموسيقي».
ولكن هذا الهراء قوبل بالسخرية من أغلب القراء بعدما سحرتهم القطعة بنغماتها الشجية وتعبيرها البليغ.
Bog aan la aqoon