هذا الناقد مسكين، لا هو متمسك بأصوله وبيئته وعروبته، ولا هو استطاع أن يلحق نفسه بالأدب الذي يريد أن ينتمي إليه ويرتمي بين أحضانه.
إن القصة والرواية والمسرحية عندنا نظرت - على طول طريقها - إلى الأدب الغربي، وأفادت منه ولكن مع طول الممارسة أصبحت هناك قصة مصرية عربية ومسرحية مصرية عربية، ولو أن المسرحية المصرية هي الغالبية.
فحين كتب الدكتور محمد حسين هيكل رواية زينب، وحين كتب تيمور الكبير ولاشين القصة، وحين كتب أستاذنا توفيق الحكيم المسرحية (أطال الله عمره!) لم يكن هناك أصول ينظر إليها هذا الرعيل الأول إلا الأصول الغربية .
ولكن حين أخذت الرواية مسارها بعد ذلك على يد طه حسين وتوفيق الحكيم والمازني، وجاء الجيل التالي من نجيب محفوظ ومحمد عبد الحليم عبد الله والسباعي وعبد القدوس والشرقاوي، ومن محمود تيمور ومن بعده يوسف جوهر ومحمود البدوي وأمين يوسف غراب، أصبح للرواية والقصة المصرية العربية تراث، وإن كان الشأن في المسرح غير الشعري مختلفا، فالذين تأثروا بمسرح الحكيم الشاهق أنتجوا مسرحيات باللغة العامية، ولا نكاد نرى من سار حتى دربه من الجيل التالي له إلا علي أحمد باكثير.
إن الناقد المتفرنج يقف من الإنتاج الضخم الذي قدمه هؤلاء جميعا وغيرهم من جيلهم وممن تلاهم موقفا متعاليا مقارنا في لسان ملتو بلغة أهل الفرنجة رافضا، أو شبه رافض، دون حتى أن يكون عادلا في حيثيات رفضه.
ولهذا لم يكن غريبا أن يرفض القارئ مثل هذا الناقد، فالكتاب المصريون عرب، ويكتبون لمصريين عرب، واللغة بينهم واحدة، والمنبت واحد، والبيئة هي نفس البيئة، فمن يتعالى على بيئته لا بد أن يقبل الجزاء الطبيعي، وهو أن ترفضه بيئته.
عاشق الليل
الأهرام - العدد 32729
20 يوليو 1976
من مفكرة ثروت أباظة
Bog aan la aqoon