أتحتمل هذا جميعه؟ - قد لا يحتمله السذج من أمثالك، أما أنا فأحتمله وإني واثق. - لكم أخشى أن أجدك أكثر سذاجة مني ومن أصحابي المؤمنين. - لقد جربت نفسي مع الإيمان. - حقا؟ - ووجدت نفسي غير قابل للإيمان على الإطلاق. - هل أنت واثق؟ - كل الثقة. - وكيف عرفت؟ - تعرضت لمحنة فلم أذكر الله. - ما نوع المحنة؟ - هل يهمك هذا؟ - كل الأهمية. - كنت راكبا سيارتي، وغفت عيني لأجد نفسي غائصا بسيارتي في الماء، حاولت أن أفتح باب السيارة فاستعصى علي، ورحت أحاول وأنفاسي تختنق بي تشدني إلى الموت في جذب آسر عنيف، ولم أجد أمامي إلا أن أحاول الخروج من شباك السيارة فرحت أدفع جسمي خلالها دفعا، ثم لم أدر بعد ذلك من أمر نفسي شيئا. - أنقذت وأنت مغمى عليك؟ - نعم. - ومتى كنت تريد أن تذكر الله؟ - إننا نحن المؤمنين نذكر الله حين نصبح عاجزين، فإن الله يأمرنا أن ندبر نحن أمر أنفسنا، ونتوكل عليه ولا نتواكل.
وقد كنت أنت مشغولا بإنقاذ نفسك، وحين جاءت اللحظة التي يجب أن تقول فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كنت مغمى عليك، يا صديقي إن هذه التجربة لا تصلح دليلا تطمئن إليه أنك محصن ضد الإيمان. - أترى ذلك؟ - لا شك في ذلك ... هيه ... أتأتي معنا؟ - لا، سأذهب وحدي.
وأثار الحديث الكثير من الوساوس في ضميره، ما مصيري إذا اهتزت مشاعري من الإيمان، واستيقظت من سباتها تلك البذرة القديمة التي ألقى بها في نفسي أبواي وسقتها البيئة والتقاليد وتاريخ أجدادي الطويل ذلك في ظل العقيدة.
وما البأس أن أومن وأظل في عملي ... هراء؛ إن عملي متوقف على إلحادي، ولماذا ألقي بنفسي إلى صراع أنا في غنى عنه، وما لي لا أبعد مشاعري عن هذا الامتحان؟ قد أجوزه وأظل على إلحادي أو قد أرسب وأعود إلى الإيمان، ويومئذ وداعا للكاديلاك، والملابس الأنيقة والعيش السعيد.
وبعد أيام التقى الصديقان في بهو الفندق. - أراك تنهي إقامتك بالفندق. - عائد إلى بيتي. - هل أديت العمرة؟ - لم يتسع الوقت ...
حديث إلى مولانا الإمام الأكبر
الأهرام - العدد 32673
25 مايو سنة 1976
من مفكرة ثروت أباظة
أنا من الكثيرين الذين يكنون للإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود كل إجلال وإعجاب وتقدير، فهو رجل فيه كبرياء العلماء وتواضعهم، ينظر إلى الدنيا مستصغرا، وينظر إلى وظيفته في الحياة مكبرا، وهو عف الضمير واليد واللسان، عالم واسع العلم تتيح له ثقافاته المتعددة أن تكون نظرته شاملة عميقة، وهو لا شك من المعالم الإسلامية التي تشرف مصر في جميع محافل العالم، ولهذا جميعه أتيح لنفسي أن ألقي بالمشورة في ساحته فيما يتصل بفيلم محمد رسول الله الذي منع الأزهر عرضه، وقد كنت أتمنى أن يشاهده مولانا الإمام الأكبر ليدلي برأيه بناء على المشاهدة، ففكرة عرض فيلم إسلامي ليست ممنوعة في ذاتها، فقد ظهرت قبل اليوم أفلام أخرى لا تختلف في مضمونها عن هذا الفيلم، وإن يفضلها في الإخراج وروعته، ظهرت أفلام «ظهور الإسلام» و«فجر الإسلام» و«الشيماء أخت الرسول» وجميعها ظهرت بموافقة من الأزهر، كما أن الأزهر وافق لي على فيلم كلفتني به مؤسسة السينما، وإن كانت لم تنتجه بعد بعنوان «قلوب في السماء» ... وهو فيلم إسلامي، وظهر أيضا فيلم بأكمله عن «خالد بن الوليد » وآخر عن «بلال مؤذن الرسول» وهما من الصحابة وكانت القاعدة التي يطبقها الأزهر ألا يظهر أحد من العشرة المبشرين بالجنة.
Bog aan la aqoon