قال له قائل: ما آخر تقويمها؟ أجمله لنا، فإن الوصف في هذا يطول على الامتحان والاستقصاء!
قال: إن المجذوب ملزم، موكل به الحق ليحرسه، حتى لا يقع في مهلكة فيسقط بها. والله يغذوه برحمته حتى لا تبقى في نفسه مشيئة تتحرك. فحينئذ تبدو له المشيئة العظمى، من ملك الرحمة. فيكشف له الغطاء، ويؤمر أن يقدم إلى الفخر.
قال: وما الفخر؟
قال: معرض المحدثين.
قال: وما صفته؟
قال: قبة من نور القربة، لها أربع طبقات، مرخى عليها الحجب. فيرفع الحجاب الأول أمام القبة، فتبدو له عظمة الله. فتجيئه العظمة فتكتنفه حتى يتحمل ذلك ثم يمهل حتى يقوى. ثم يعاد. ثم تتجلى له العظمة من الله، ثم تجيئه العصمة فتكتنفه فيقبله (الله) ويرضى عنه. ويأمر الله الروح الأمين، عليه السلام! أن ينادي من بطن العرش، في السماوات: بالرضى عنه. فينادي جبريل عليه السلام: (إن الله قد أحب فلانا، فأحبوه) فيوضع له القبول في الأرض. وقد جاءت الأخبار بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يهيئوا (الله) له في كل يوم مجلسا، وفي كل مجلس نجوى!
قال له القائل: كلما طلبنا الاختصار، وقعنا في بحر!
قال: نعم، (ومع ذلك فإني) أجتهد أن أختصر لكم من كل شيء شيئا: فما هذا الذي وصفت لكم إلا كرأس إبرة من بحر لجي، في جنب ما للعبد بين يدي (الله تعالى) من الرعاية والتنعم بوجهه الكريم، ففكر في نفسك، هل يلتفت هذا الموصوف بهذه (الصفة) إلى كلام أحد، أو ثناء أحد، أو مدح أحد؟ وهل يعبأ بمكروه؟
Bogga 75