وكذلك المحدث، إن حل به مثل هذا، لم يتركه الله حتى يتداركه فينسخ عن قلبه ما اندرج في حديثه، عن رمي الشيطان؛ حتى يطمأن بعد ذلك، إلى ما يرد بعد ذلك من الحديث. (وإلا) فأين عمل السكينة؟ وأين حراسة الحق، وأداؤه عن الله، عز وجل؟ فشأن المحدث، أعظم من أن يستخف بحديثه والرسول، عليه السلام، يقول: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)) فإذا كانت الفراسة مما يتقي، وهي جزء من أجزاء الحديث، فكيف الحديث؟ حدثنا الجارود عن الفضل بن موسى عن زكريا بن زائدة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كان في الأمم قوم يتكلمون، من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يك في أمتي فعمر منهم)) يعني: عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. قوله: ((يتكلمون)) أي: عن الله تعالى. حدثنا عبد الجبار عن سفيان عن ابن عجلان، عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((قد كان في الأمم محدثون، فإن يك في أمة فعمر بن الخطاب)).
فالمحدث له الحديث والفراسة والإلهام والصديقية. والنبي له ذلك كله والتنبؤ. والرسول له ذلك كله والرسالة. ومن دونهم من الأولياء، لهم الفراسة والإلهام والصديقية.
Bogga 40