هو صرف لهم عن أن يأتوا بمثلها، فهم قادرون على أن يأتوا، ولكنهم صرفوا عن ذلك كما يقول بعض الجهلاء فى إعجاز القران منحرفين فى دينهم؟ لم يبين لنا البيرونى أى الوجهين أراد بالمنع. لئن أراد الأول، وهو منع بالتحريم وذلك لا يقتضى الامتناع، فقد يكون من بعض المكلفين من يعصى، فيأتى بمثلها، أو يزيد عليها، لأن الناس ليسوا معصومين عن المخالفة، ولا أحد من البراهمة يعتقد جواز وجود أمثالها، ولذلك نرجح أن يكون الامتناع فى زعمهم بصرفه، ونكتفى من الإشارة إلى كتبهم بهذا القدر.
البوذية:
١٠- بعد أن حرفت البرهمية وجعل الناس فى عقيدتها طبقات كان لابد أن يكون من بينهم من يغيّر، ولا يرضى بهذه الطبقات، ولذلك ظهر من بينهم من لا يرضى وهو من رجال الطبقة الأولى، وبلغ أقصى الغاية فيها، وهو بوذا، الذى ولد سنة ٥٦٠ قبل المسيح ﵇، وكانت دعاية بوذا تخفيف ويلات الإنسانية التى أرهقها نظام الطبقات.
ولقد اتجه فى سبيل تخفيف ويلات الإنسانية إلى الدعوة لتخفيف الحاجات وكف النفس عن الشهوات، وهذه الشهوات هى التى تشقى، فإذا كانت ويلات الناس تجىء إليهم من ناحية أهوائهم وشهواتهم، واتساع مطالبهم، والرغبة فى المزيد منها، فإن تخفيف ويلات الحياة يكون بتربية النفس على الاستغناء عن أكثر مطالبها. والاكتفاء بالقليل ومجانبة الأهواء والشهوات. فإنها هى التى تجعل النفس طلعة، تحب اللذائذ وإن كانت عاقبتها سيئة، فكان من الواجب السيطرة على الأهواء.
وقد وضع منهاجا للتربية النفسية، الخط الأول منه يبدأ باجتناب الأهواء، والاتجاه إلى الأمور بقلب سليم منها، فإن النفس تشرق، ويكون إدراكها سليما، ثم يكون من بعد ذلك الاعتقاد سليما، ومن بعد الإدراك يكون النطق الصادق. ثم العمل القويم، ثم السلوك الحسن، ثم الجماعة التى تقوم على الأخلاق.
[مبادىء بوذا الخلقية]
ويقرر مبادىء خلقية، فهو يقول فى النهى عن أمور عشرة:
١- لا تقتل أحدا.
٢- لا تسرق ولا تغضب، ولا تأخذ ما لا لم يقدم إليك.
٣- لا تكذب، ولا تقل قولا غير صحيح.
٤- لا تشرب خمرا، ولا تتناول مخدرا.
٥- لا تزن ولا تأت بأى أمر يتصل بالحياة الجنسية يكون محرما.
1 / 16