وقد روى من طرف أهل السنة في هذا المعنى أكثر من ستين حديثا كلها تشتمل على ذكر الاثني عشر وفي بعضها ذكر أسمائهم وكتبهم مملوة من ذلك وعن أبي طالب أنه قال يا عم يخرج من ولدك اثنى عشر خليفة منهم يخرج المهدي من ولدك به تصلح الأرض ويملأ الله قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا إلى غير ذلك من الاخبار المنقولة في كتبهم على هذا النحو ولا يراد بالخلفاء أرباب السلطنة والدولة لزيادة عددهم من قريش اضعافا مضاعفة لأنه يظهر من بعضها ان آخرهم متصل باخر الزمان وفي بعضها الأخر المهدي ثم إن اعتنائه ببيان الطاغين والظالمين من العباسين بعيد وثبوت الخلافة لا يتوقف على بسط اليد كما أن النبوة والرسالة كذلك وعلى تقدير التوقف فحملها على الرجعة موافق لرأينا فان طائفة منا حكموا بثبوت الرجعة للجميع في نهاية الاستقلال ومنها ما يدل على ثبوت امامة الاثني عشر بعد (أدنى) تأمل ما نقل عنه صلى الله عليه وآله أنه قال (عدد) أوصيائي من بعدي عدد أوصياء موسى وحواري عيسى وكانوا اثنى عشر وعنه صلى الله عليه وآله بطريق مسروق عن ابن مسعود ان عدد أوصيائي من بعدي عدد نقباء بني إسرائيل وكانوا اثنا عشر وروى الزمخشري بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال فاطمة ثمرة فؤادي وبعلها نور بصري والأئمة من ولدها أمناء ربي وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجي ومن تخلف عنهم هوى وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا بأسانيد عديدة بهم وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال إني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وروى عنه أيضا صلى الله عليه وآله أنه قال أيها الناس اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ومثله ما في الجمع بين الصحيحين وكذا صحيح مسلم في موضعين وروى مثله أبو سعيد الخدري ولا ريب في أنه لا رجوع إلى العترة الا من الشيعة وقد فسرت العترة في كتبهم المعتبرة بالذرية وروي في طرقهم المعتبرة انه من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية وفيه أبين دلالة على بقاء الأئمة إلى انقضاء التكليف فإن هذه الأحاديث وأمثالها تدل على أفضلية أهل البيت على غيرهم كما اعترف به التفتازاني في شرح المقاصد ويدل على وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت الطاهرين في كل زمان وجدوا فيه إلى قيام الساعة حتى يتوجه البحث المذكور على التمسك بهم كما أن الكتاب كذلك ولهذا كانوا أمان أهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض قال الفاضل أحمد بن السوسي الشافعي وقال ابن حجر ان القطب لا يكون الا من أهل البيت وروى أن هذا الحديث صار سببا لتشيع بعض المخالفين من علمائهم معللا بان ميتة الجاهلية انما تكون بفوات المعارف التي هي من أصول الدين وذلك لا ينطبق الا على رأي الشيعة ومما يفيد بقائهم إلى انقضاء التكليف في ما مسند ابن حنبل انه صلى الله عليه وآله قال إن النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض وقد فسر أهل البيت بهم وروى الزمخشري في ربيع الأبرار ان رسول الله قال لما اسرى بي جبرائيل إلى السماء اخذ بيدي واقعدني على درنوك من درانيك الجنة ثم ناولني سفرجل فبينما انا اقلبها انفلقت وخرجت جارية لم أر أحسن منها فسلمت علي فقلت من أنت فقالت انا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة أصناف اعلائي من عنبر ووسطي من كافور وأسفلي من مسك ثم عجنني بماء الحياة وقال لي كوني فكنت خلقني لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب والدرنوك ضرب من البسط وروى أبو بكر الخوارزمي في كتاب المناقب عن بلال ابن حمامه قال طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم متبسما ضاحكا ووجهه مشرق كدائرة القمر فسئلته عن ذلك فقال بشارة اتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي فان الله تبارك وتعالى زوج عليا عليه السلام من فاطمة وأمر رضوان خازن الجنان بهز شجرة طوبى فحملت رقاقا يعني صكاكا بعدد محبي أهل البيت (ع) وأنشأ ملائكة من نور ورفع إلى كل ملك صكا فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق فلا يبقى محب لأهل البيت الا دفعت إليه صكا في فكاكه من النار والأحاديث هنا كثيرة ومن حديث رفعه الخوارزمي إلى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب ما خلق الله النار وفي الشفا للقاضي عياض بلا اسناد من أنه قال معرفة آل محمد براءة من النار وحب آل محمد جواز على الصراط والولاية لآل محمد أمان من العذاب ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وآله لو أن رجلا حفز اي جمع قدميه قائما بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقى الله مبغضا لآل محمد دخل النار وجاء في قوله تعالى واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام وعن الزهري ان محبة العبد لله ورسوله وأهل بيته طاعة لهما واتباع لامرهما وروى أبو الحسن الأندلسي في الجمع بين الصحاح الست موطأ مالك وصحيحي مسلم والبخاري وسنن أبي داود وصحيح الترمذي وصحيح السلمي عن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله ان قوله تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت نزلت في بيتها وهي جالسة على الباب فقالت يا رسول الله الست من أهل البيت فقال صلى الله عليه وآله انك على خير انك من أزواج النبي صلى الله عليه وآله قالت وفي البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام فقالت وجللهم بكسا وقال صلى الله عليه وآله هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا ورواه صدر الأئمة موفق ابن احمد المكي وربما يستفاد من قوله تبارك وتعالى انما أنت منذر ولكل قوم هاد فان المراد بالهادي (ظاهرا الهادي) إلى واقعي الشرع كما أن انذاره على ذلك النحو ويؤيد إرادة هذا ما ورد في تفسير الباطن انه علي عليه السلام ولو أريد مطلق الهادي لم يكن لعلي مزية ومن مستطرفات الاخبار ان بعض الامراء والوزراء عثر على الأخبار الدالة على أن الأئمة اثني عشر فجمع العلماء وسألهم
Bogga 8