فرأيت منه خصالًا ثلاثًا لا أدري أيتهن أعجب، انتهينا إلى شاطئ البحر فقال: سموا الله تعالى واقتحِمُوا، فسمّينا واقتحمنا فعَبرنا فما بلّ الماء إلا أسافل (١) أخفاف الإبل، فلما قفلنا جُزنا معه بفلاة من الأرض وليس معنا ماء فشكونا إليه فصلّى ركعتين ثم دعا فإذا سحابة مثل الترس ثم أرخت عَزالَيْها (٢) فسَقينا واستقينا (٣) ومات فدفنّاه، فلما سرنا غير بعيد قلنا: يجيء سبع فيأكله فرجعنا فلم نره" (٤) وقد تقدمت (٥) هذه القصّة بأتم من هذا السياق عند ذكر نوح ﵊، وكذلك قصة سعد بن أبي وقاص ﵁ فإنه لما فرغ من أمر القادسية ونزل بالمسلمين الكوفةَ ومدائن (٦) كسرى بالأجناد والرجال فافتتحوها وهرب منها أردشير (٧) فدخل المسلمون مدينة (٨) نهرشير (٩) وهي المدينة الدُنيا
(١) في ب "سافل".
(٢) العزالي: جمع العزْلاء وهو فم المزادة الأسفل، فشبّه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة". النهاية (٣/ ٤٥٩).
(٣) في ب "واسقينا".
(٤) أخرجه الطبراني بنحوه في المعجم الأوسط (٤/ ١٥) ح ٣٤٩٥، وفي المعجم الكبير (١٨/ ٩٥) ح ١٤٨٧٧، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٣٧٦) ح ١٦٠٠٧: "وفيه إبراهيم بن معمر الهروي والد إسماعيل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
(٥) في ب "مر".
(٦) المدائن: وهي مدينة قديمة على دجلة تحت بغداد سبعة فراسخ، واسمها بالفارسية: طيسفون، وهذا الموضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانية وغيره، وسميت بالجمع -مدائن- لأن كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها. انظر: شرح سنن أبي داود (٣/ ١٠٣)، لبدر الدين العيني، تحقيق: أبو المنذر خالد المصري، الطبعة الأولى ١٤٢٠، مكتبة الرشد، الرياض؛ معجم البلدان (٥/ ٧٤).
(٧) هو يزدجرد بن شهريار ابن كسرى، ينتهي نسبه إلى أردشير بن بابك -أول ملوك الفرس الساسانية-، انهزم من جيش عمر فاستولوا على العراق، وانهزم هو إلى مرو وولت أيامه، ثم ثار عليه أمراء دولته وقتلوه سنة ثلاثين، وقيل: بل بيَّته الترك وقتلوا خواصه، وهرب هو واختفى في بيت، فغدر به صاحب البيت فقتله، ثم قتلوه به، وكان آخر ملك من آل أردشير بن بابك. انظر: سير أعلام النبلاء (٢/ ١٠٩)، الكامل في التاريخ (٣/ ١٨) لأبي الحسن الشيباني، تحقيق: عبدالله القاضي، الطبعة الثانية ١٤١٥، دار الكتب العلمية، بيروت.
(٨) في ب "المدينة".
(٩) في تاريخ الطبري: "بهر سير"، وفي معجم البلدان (بَهُرَ سِير) -بالفتح ثم الضم وفتح الراء وكسر السين المهملة وياء ساكنة وراء- من نواحي سواد بغداد قرب المدائن، وهي معربة من (ده أردشير) أو (به أردشير) كأن معناه: خير مدينة أردشير، وهي في غربي دجلة. انظر: تاريخ الأمم والملوك (٢/ ٤٦٠)، لأبي جعفر الطبري، الطبعة الأولى ١٤٠٧، دار الكتب العلمية، بيروت؛ معجم البلدان (١/ ٥١٥).