الحمد لله الذي سخَّر لي الرياح وسخَّر لي جنود الشياطين يعملون لي ماشئت من محاريب وثماثيل وجفان (١) كالجوابي (٢) (٣) وقدور راسيات وعلَّمني منطق الطير وآتاني من كل شيء فضلًا وآتاني ملكًا عظيمًا لاينبغي لأحد من بعدي وجعل ملكي ملكًا طيِّبًا ليس عليَّ فيه حساب، ثم إن عيسى ﵇ أثنى على ربِّه فقال: الحمد لله رب العالمين الذي جعلني كلمةً منه وجعل مَثَلي مَثل آدم خلقه من تراب ثم قال له: كن فيكون، وعلَّمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ورفعني وطهّرني وأعاذني وأمّي من الشيطان الرجيم ولم يكن للشيطان علينا سبيل، ثم إن محمدًا ﷺ قال: كلُّكم قد أثنى على ربّه وإني مُثْنٍ على ربي فقال: الحمد لله الذي أرسلني رحمةً للعالمين وكافةً للناس بشيرًا ونذيرًا وأنزل عليّ الفرقان (٤) فيه تبيان كل شيء وجعل أمَّتي خير أمَّة أخرجت للناس وجعل أمَّتي (أمَّة) (٥) وَسَطًا وجعل أمَّتي هم الأولين والأخرين وشرح لي صدري ووضع عنِّي وِزْري ورفع لي ذكري وجعلني فاتِحًا وخاتِمًا فقال
إبراهيم ﵇: بهذا فَضَلَكم محمد ﷺ» (٦)، وفي حديث الإسراء أيضًا [ق ٣/و] أنه قال: «قيل لي: سل، فقلتُ: ياربِّ اتخذتَ إبراهيم خليلًا وكلَّمتَ موسى تكليمًا ورفعت
_________
(١) جفان: جمع جفنة اسم للقدر الكبيرة. الجدول في إعراب القرآن (٢٢/ ٢١٠)، لمحمود صافي، الطبعة الرابعة ١٤١٨، دار الرشيد، دمشق.
(٢) في ب "كالجواب"، وقد قرأ ابن كثير بإثبات الياء (الجوابي) وصلًا ووقفًا، وأبو عمرو وورش بإثباتها وصلًا، وحذفها وقفًا، والباقون بحذفها في الحالين، فمن قرأ بالياء فلأنه الأصل، ومن حذفه فلاكتفائه بكسر الياء. انظر: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (٩/ ١٦١ - ١٦٢)، للسمين الحلبي، تحقيق د. أحمد الخراط، دار القلم، دمشق؛ بحر العلوم، لأبي الليث السمرقندي (٣/ ٧٨)، تحقيق: د. محمود مطرجي، دار الفكر، بيروت.
(٣) كالجوابي: جمع جابية، والجابية: الحوض العظيم، سُميت بذلك لأنه يُجبى إليها الماء. انظر: الدر المصون (٩/ ١٦٢).
(٤) في ب "القرآن".
(٥) "أمة" ليس في ب.
(٦) سيأتي تخريجه عند التعليق على الحديث التالي.
1 / 325