فقال بصوت منخفض: أعترف بأنني مسطول.
فحل محل الاهتمام غيظ وحنق: أتهزأ بنا؟ - ربع قرش في معدتي، وبيني وبينكم الطبيب الشرعي. - إنك تحرق مستقبلك. - أنا مسطول، ككل يوم، هل سمعتم عن مسطول ألقى قنبلة؟ - حيلة صبيانية للهرب. - أنا أيضا مدمن، ولم أضرب المأمور أو ألقي قنبلة؟! - حذار يا أيوب. - لماذا؟! .. لماذا؟! .. عمري ما شغلت نفسي بسياسة، ولا بدستور 930 أو دستور 923، ولا هتفت مرة واحدة، هاتوا الطبيب الشرعي. - طاوعني واعترف، والأسماء تحت يدك والصور. - صدقوني لا عمل لي في الدنيا إلا حفظ الوثائق القديمة، واستحلاب ربع قرش كل يوم. هاتوا الطبيب الشرعي، واسألوا الناس جميعا. •••
وانقضى عام قبل أن يرجع أيوب مرة أخرى إلى دكان عم محسن الكواء، وجهت إليه تهمة إلقاء قنبلة أمام المحكمة المختلطة، نشرت صورته في الجرائد، عده الشعب بطلا فدائيا. تقدم للدفاع عنه نخبة من كبار المحامين. حكمت المحكمة ببراءته، ودوت القاعة بالهتاف، ولما عاد إلى دكان الكواء تعانقا عناقا حارا طويلا، ثم اتخذ مجلسه المعتاد أمام الدكان، وقال محسن تحية ومودة: عندي صنف يا هوه!
فضحك أيوب، وقال: مضى عام بلا كيف حتى نسيته. - آن لك أن تتذكر.
فلم ينبس بكلمة، فقال محسن بدهشة: الله يجحمهم! .. لقد تغيرت حتى ما أكاد أعرفك يا أيوب أفندي.
فابتسم دون أن يتكلم، فقال الآخر مشجعا: ولكن كثيرين يحبونك اليوم ويعظمونك!
فضحك ضحكة بريئة سعيدة، فاستطرد عم محسن: ولا يصدق أحد بأنك مدمن، ولكنهم يؤمنون بأنك ضربت المأمور وألقيت القنبلة.
فقال بفخار: كانت المحاكمة قنبلة!
فتساءل محسن بارتياب: وماذا تنوي بعد ذلك؟
فتفكر الرجل قليلا، ثم قال: أشار علي بعضهم بأن أرشح نفسي في الانتخابات القادمة!
Bog aan la aqoon