يبالغ المؤرخون في تقدير خسائر الحنفيين؛ فسيف بن عمر مثلا يزعم أن قتلى بني حنيفة بلغوا عشرة آلاف في المعركة، وفي القتال في حديقة الموت. وفي رواية أخرى يزعم أن عدد قتلى بني حنيفة واحد وعشرون ألفا؛ سبعة آلاف منهم في المعركة وسبعة آلاف في حديقة الموت وسبعة آلاف في المطاردة.
ولكننا نستبعد هذا العدد؛ إذ سبق أن ذكرنا أن قوة الحنفيين في معركة عقرباء بلغت عشرة آلاف مقاتل، والثابت أن بني حنيفة كابدوا خسائر فادحة، سواء في ميدان المعركة لثباتهم في محلهم، أم في الحديقة؛ لأنهم بالتجائهم إليها مكنوا المسلمين من أن يقطعوا عليهم خط الانسحاب فقضوا عليهم القضاء المبرم.
ولعل عدد قتلاهم بلغ أكثر من ثلاثة آلاف، ومما يدل على كثرة القتلى في بني حنيفة اندثار اسمهم بعد هذه المعركة وعدم اشتراكهم في الفتوح، ويقول البرنس كايتاني في كتابه الآنف الذكر: «إن محدثي المسلمين يبالغون في ذكر خسائر بني حنيفة؛ فإنهم يذكرون أن كل ذكر بلغ من الرشد قتل في المعركة، ومع ذلك فإن أحد الأدلة التي تدل على أن الحنفيين كابدوا خسائر لا تتناسب مع عددهم هو أن هذه القبيلة التي كانت قبل الإسلام كثيرة النفوس مرفهة العيش إن لم يكن لديها شيء فإن كثرة عددها وحده يجب أن يجعلها ذات حصة كبيرة في المعارك التي نشبت بعد ذلك، ولكننا نرى أن ذكر هذه القبيلة يكاد يندرس تماما من تاريخ الإسلام، وأن اسم الحنفيين لا يذكر على الإطلاق حتى على انفراد.»
أما خسائر المسلمين فكانت كثيرة بالنسبة إلى عددهم أو مقدار الخسائر التي كابدوها في المعارك السابقة؛ فالروايات في عدد قتلى المسلمين مختلفة، فهي متفاوتة بين 500 و1700. ويروي عيسى بن سهل عن جده رافع أن قتلى المسلمين بلغ عددها نصف قتلى الحنفيين، وأن الأنصار وحدهم (وكان عددهم خمسمائة مقاتل) خسروا سبعين قتيلا ومائتي جريح، أما أبو سعيد الخدري فيزعم أن عدد قتلى الأنصار بلغ سبعين، ويقول زيد بن طلحة: إن قتلى المهاجرين بلغوا السبعين، وقتلى الأنصار بلغوا السبعين أيضا، وإن مجموع قتلى باقي المسلمين بلغ الخمسمائة.
أما سالم بن عبد الله بن عمر فيذكر أن مجموع قتلى المسلمين بلغ الستمائة، وأما البلاذري فيقول: «وقد اختلفوا في عدة من استشهد في اليمامة؛ فأقل ما ذكروه من مبلغها سبعمائة، وأكثر ذلك ألف وسبعمائة. وقال بعضهم: إن عدتهم ألف ومائتان.» والذي يلوح لنا أن هذا العدد الأخير هو الأصح، وهو يؤيد الرواية التي يرويها الطبري نقلا عن سهل؛ إذ يقول: «قتل من المهاجرين والأنصار من أهل قصبة المدينة يومئذ ثلاثمائة وستون، ومن المهاجرين من أهل المدينة والتابعين بإحسان ثلاثمائة من هؤلاء، وثلاثمائة من هؤلاء ستمائة أو يزيدون.»
وذكر المؤرخون أسماء الشهداء من المهاجرين والأنصار، ونظموا قائمات بذلك، ويتضح من مطالعتها أن بين القتلى زيد بن الخطاب قائد القلب، وأبا حذيفة بن عتبة قائد الميمنة، وشجاع بن وهب قائد الميسرة، وقيس بن ثابت قائد الأنصار، ويدل كل ذلك على شدة القتال في المعركة.
يقول ضرار بن الأزور في يوم اليمامة:
ولو سئلت عنا جنوب لأخبرت
عشية سالت عقرباء وملهم
وسال بفرع الواد حتى ترقرقت
Bog aan la aqoon