============================================================
وقال له إبراهيم بن بشار: أذهب اليوم أعمل في الطين. قال: يا ابن بشار، إنك طالبت ومطلوب، يطلبك من لا تفوته، وتطلب ما يفوتك، أما رايت حريصا محروما، وضعيفا مرزوقا ؟ فقلت: إذ لي دانقا عند البقال. قال: تملك دانقا وتطلب العمل ؟!
ومن مناجاته: اللهم، إني لم آت الذنوب جراءة عليك، ولا استخفافا بحقك، ولكن جرى بذلك قلمك، ونفذ به حكمك، والمعذرة إليك:.
ولقيه جندئ بالبادية، فقال: دلني على الديار والمدينة. فذهب به إلى المقابر، فأوقفه عليها، وقال: هذه الديار. فضربه على رأسه فأدماه، فرفع رأسه، وقال: اللهم، اني أعلم أنك توجرني وثؤزره، فلا ثؤجزني ولا ثؤزره، وبكى رحمة له، فعرفه بعد ذلك، فجاءه مستغفرا معتذرا، فقال له: الراس التي تحتاج إلى اعتذارك تركته ببلخ. أي أن نخوة الشرف، وكبر الرياسة كان في رأسي حين كنت أجول في ميدان الخيلاء على فرس (1) حب الجاه، وزينة الذنيا في بلخ، والآن قد خرج ذلك من رأسي: وقال: وقفت على قبر فانشق عن شيخ خضيب، فقال: يا إبراهيم، سل فإن الله قد أحياني من آجلك . قلت : ما فعل الله (2) بك ؟ قال : لقيته بعمل قبيح، فقال لي: غفرت لك بثلاث: لقيتني وأنت تحث لي من أحب، ولقيتني وليس في صدرك مثقال ذرة من حرام(3)، ولقيتني وأنت خضيب، وأنا أستحي من شيبة الخضيب أن أعذبها بالنار. ثم التأم القبر عليه.
وقال: عامل الله يرك(4) العجائب.
وقال: سبانا إيليس من الجنة بخطيئة . فهل لسبي من راحة حتى يرجع إلى ما سبي منه ؟
(1) في المطبوع: قوس.
(2) في المطبوع: ما فعل بك.
(3) في (1) و (ب) : شراب حرام.
(4) في الأصول: يريك.
199
Bogga 199