============================================================
وفي رواية: أنه لما سمع النداء نزل عن فرسه، ودفع ثيابه لصياد، وأخذ ثياب الصياد، ومر هائما، فرأى على الأثر إنسانا وقع عن قنطرة، فقال له وهو في الهواء: قف. فوقف في الهواء لا يسقط ولا يصعد حتى وصل إليه، فأخذ بيده، وألقاه على القنطرة سالما، وما ذاك إلا لكمال صدق توبته، وعظيم خسن نيته، فأعظم بها من كرامة ما أسناها، ومرتبة ما أعلاها.
ولقي الخضر عليه السلام بالبادية، فعلمه الاسم الأعظم، وقال له: لا تدغ به على أحد بينك وبينه عداوة فتهلكه في الدنيا والآخرة، واعبذ رئك على تحقيق المشاهدة والمراقبة، واعلم أنه أقرب إليك من حبل الوريد.
ثم دخل مكة، وصحب الفضيل، وسفيان الثوري: وكان لا يأكل إلا من عمل يده، كالحصاد، وحراسة البساتين، ومر به جندي، وهو يحرث كرما، فاستطعمه عنبا فابى، فعلاه بالسوط، فطأطأ رأسه ، وقال: اضرب رأسا طال ما(1) عصى الله، فأعجز الرجل منه.
وكان يخلط الدقيق بنحو الثلث رمادا، ويعجنه، ويقول: هيهات أن يقوم أحدنا بقيراط من شكره.
وكان به علة البطن، فقام ليلة واحدة نيفا وسبعين مرة، وفي كل مرة يتوضا ويصلي ركعتين وكان يلبس مزقعة زنيها ستون رطلا .
ونام ليلة عن وزده فتكدر، فنودي في سره : كن عبدا لنا تسترح، فإن أقمناك قم، وإن أنمناك نم، وليس لك في الوسط شيء.
قال الغزالي(2) رحمه الله: وكان ابن أدهم، والثوري رضي الله عنهما يطويان ثلاثا ثلاثا، وياكلان في الرابع، قال : وليس ذلك خارجا عن العادة بل هو قريث، يمكن الوصول إليه بالمجاهدة .
(1) في (أ) ظالما .
(2) إحياء علوم الدين 90/3 كسر الشهوتين، باب بيان طريق الرياضة في كسر شهوة البطن: 196
Bogga 196