145

============================================================

بعهده عليها، إن حارب الخسين رضي الله عنه ورجع، فلما هما التقيا، وأرهقه السلاح، قال له الحسين رضي الله عنه : اختر مني إحدى ثلاث: إما أن ألحق بثغر من الثغور، وإما أن أرجع إلى المدينة، وإما أن أضع يدي في يد ابن معاوية. فقبل ذلك عمر منه، وكتب به إلى ابن زياد، فكتب إليه: لا أقبل منه حتى يضع يده في يدي. فامتنع الخسين رضي الله عنه، فتاهبوا لقتاله، وكان اكثر مقاتليه الكاتبين إليه والمبايعين له.

ولما أيقن أنهم قاتلوه قام في أصحابه خطيبا، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: قد نزل من الأمر ماترون، وإن الدنيا قد تغيرث وتنكرت، وأدبر معروفها، وانشمرت(1) حتى لم يبق منها إلا كصبابة الإناء (2)، وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلآ جرما، فقاتلوهم.

فكان آخر الأمر أن قتل رضي الله عنه، وقتل معه سبعة عشر شابا من أهل بيته، وذلك بكربلاء كما في خبر رواه الطبراني(1).

فإن قلت : ينافيه ما ورد عن الطبراني (4) أيضا عن عائشة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام قال : "أخبرني جبريل عليه السلام أن الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني جبريل بهذه التربة وأخبرني أن فيها مضجعه" وما رواه ابن سعد عن علي أمير المؤمنين قال: دخلث على المصطفى } ذات يوم وعيناه تفيضان، فسألته، فقال: "أخبرني جبريل عليه السلام أن حسينا يقتل بشاطيء الفرات".

قلث: لا تعارض؛ لأن الفرات يخرج من آخر حدود الؤوم، ثم يمؤ بأرض (1) في الأصل والحلية 39/2: انشمرت وانشمرت . وفي مختصر تاريخ دمشق 146/7، ومعجم الطبراني الكبير 114/3 استمرت. وني سير أعلام النبلاء 3/ 310: استمرثت. وانشمرت: آسرعت. اللسان (شمر)، (2) الضبابة: البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الإناء . النهاية (صبب).

المعجم الكبير 3/(2406، 2855) و(2819).

4) المعجم الكبير 3(2814).

145 13 الطبقات الصوفية 1/13

Bogga 145