12 أغسطس 2000
فتاة الليل والكاتبة
وهذه ورقة أيضا لم تقدم في مؤتمر المرأة والإبداع، الذي عقد بالقاهرة خلال أكتوبر 2002؛ لأنه:
صباح اليوم الأول للمؤتمر تم العثور على جثة الكاتبة الفاضلة «أ. د. المصري»، فوق دكة خشبية بحديقة كازينو النيل، وتم العثور بجوار الجثة على أوراق بخط يدها، وقلمها الذهبي المعروف، مما يدل على أن الموت فاجأها بينما كانت تكتب الورقة المزمع تقديمها في المؤتمر، وأمرت النيابة بالإفراج عن فتاة الليل التي رآها بعض شهود العيان جالسة إلى جوار الفقيدة الفاضلة فوق الدكة الخشبية. (1) فتاة الليل والكاتبة الكبيرة
كانت الكاتبة الفاضلة «أ. د. المصري» تقضي الساعات جالسة فوق هذه الدكة، تحاول أن تقتل الوقت بالكتابة، تحملق في الأوراق طويلا، ثم ترفع رأسها وتحملق في الظلمة، وفي تلك الليلة من شهر أكتوبر كان الهواء البارد قادما من الشمال، ينذر برياح متربصة على الأبواب، وحرب موشكة على الهبوب.
الجو كان ملبدا بسحابة سوداء تزيد من الظلمة، وانقباض القلب، والتوجس من حدوث جريمة أو أي شيء آخر يزيد الرعب، وقعقعة الهواء تمتزج بقعقعة الميكروفونات المثبتة فوق الجوامع والمآذن، تنطلق منها الأصوات كالمفرقعات أو الرصاصات من فوهات المدافع.
كانت الكاتبة الفاضلة جالسة في يدها القلم، يلمع غطاؤه الذهبي في الظلمة، تحوطها هالة من الرهبة مثل كبار الأدباء، لا يظهر منها إلا الرأس الملفوف بحجاب، أبيض مثل هرم من الثلج، مطرقة قليلا فوق أوراقها تكتب.
من قلب الظلمة تظهر فتاة صغيرة، تسير ببطء شديد وإعياء واضح، نحيفة الجسم ترتدي ثوبا أسود ضيقا مكشوف العنق حتى الشق العميق بين النهدين، تتوقف أحيانا لتلتقط أنفاسها، وتستدير برأسها الصغير يحوطه شعر كثيف أسود، منكوش قليلا، تتطلع إلى السماء تخاطب الرب بصوت غير مسموع يشبه التمتمة المكتومة.
تراقبها الكاتبة الفاضلة لحظة ثم تنكفئ فوق الورقة تكتب ، وتمر الفتاة دون أن تلاحظها، ثم تنتبه إلى وجودها، فتعود إليها وتجلس على طرف الدكة بحيث تترك مسافة كبيرة بينها، ترفع الكاتبة «أ. د. المصري» عينيها نحوها بشيء من الفضول دون أن تقول شيئا، الفتاة ترمقها بنوع من الاستطلاع الطفولي، تتأمل من بعيد حروفها فوق الورقة، تبتسم قليلا ثم تقول ...
الفتاة :
Bog aan la aqoon