Kashshaf
الكشاف
Daabacaha
دار الكتاب العربي
Lambarka Daabacaadda
الثالثة
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٧ هـ
Goobta Daabacaadda
بيروت
صَبْرٌ جَمِيلٌ فَكِلَانَا مُبْتَلَى «١»
والأصل صبرًا، على: اصبر صبرًا. وقرأ ابن أبى عبلة بالنصب على الأصل. وقيل معناه:
أمرنا حطة، أى أن نحط في هذه القرية ونستقرّ فيها. فإن قلت: هل يجوز أن تنصب حطة في قراءة من نصبها بقولوا، على معنى: قولوا هذه الكلمة؟ قلت: لا يبعد. والأجود أن تنصب بإضمار فعلها، وينتصب محل ذلك المضمر بقولوا. وقرئ (يُغفر لكم) على البناء للمفعول بالياء والتاء وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ أى من كان محسنًا منكم كانت تلك الكلمة سببًا في زيادة ثوابه، ومن كان مسيئا كانت له توبة ومغفرة فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أى وضعوا مكان حطة قَوْلًا غيرها. يعنى أنهم أمروا بقول معناه التوبة والاستغفار، فخالفوه إلى قول ليس معناه معنى ما أمروا به، ولم يمتثلوا أمر اللَّه. وليس الغرض أنهم أمروا بلفظ بعينه وهو لفظ الحطة فجاءوا بلفظ آخر. لأنهم لو جاءوا بلفظ آخر مستقل بمعنى ما أمروا به، لم يؤاخذوا به.
كما لو قالوا مكان حطة: نستغفرك ونتوب إليك. أو اللهم اعف عنا وما أشبه ذلك. وقيل:
قالوا مكان حطة: حنطة. وقيل: قالوا بالنبطية: «حطا سمقاثا» أى حنطه حمراء، استهزاء منهم بما قيل لهم، وعدولا عن طلب ما عند اللَّه إلى طلب ما يشتهون من أغراض الدنيا. وفي تكرير الَّذِينَ ظَلَمُوا زيادة في تقبيح أمرهم «٢» وإيذان بأنّ إنزال الرجز عليهم لظلمهم. وقد جاء في سورة الأعراف: (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ) على الإضمار. والرجز: العذاب. وقرئ- بضم الراء- وروى أنه مات منهم في ساعة بالطاعون أربعة وعشرون ألفًا. وقيل: سبعون ألفًا.
[سورة البقرة (٢): آية ٦٠]
وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠)
(١) .
شكا إلى جملى طول السرى … صبرًا جميلا فكلانا مبتلى
يقول: اشتكى بعيري إلى تعبه من طول سير الليل. وصبرًا: مصدر قام مقام فعله، أى اصبر يا بعير صبرًا جميلا ففيه التفات من الغيبة إلى الخطاب. أو التقدير: فقلت له اصبر صبرًا، فكل منا مصاب بالبلاء. أو مختبر وممتحن هل يصبر على مشاق السفر أم لا. ويروى: صبر جميل، أى أحق بنا على حذف الخبر. أو أمرنا صبر، فيكون من المواضع التي يجب فيها حذف المبتدأ لنيابة الخبر عن الفعل. والصبر الجميل: هو ما لا شكوى فيه إلى الخلق.
(٢) . قال محمود ﵀: «وفي تكرير (الَّذِينَ ظَلَمُوا) زيادة في تقبيح … الخ» . قال أحمد ﵀: وفيه تهويل لظلمهم من حيث وضع الظاهر موضع المضمر، وهو مفيد لذلك، إذ هو من قبيل الاشهار لهذا المعين مع إمكان الاختصار بالاضمار.
1 / 143