النصوص القرآنية والحديثية، وخلو أقوال العلماء عن الحكم فيها، إما للغفلة أو لعدم وقوعها في زمانهم، فتكون دليلا وحجة على عدم الحكم في تلك الحادثة.
وأما الاستصحاب: فالقول ثابت عند من يرى البقاء على الأصل، وأن الباقي لا يحتاج إلى تأثير، وعلى أن العلة في الحاجة هي الحدوث، فتبقى الأشياء على ما هي عليه، ونقول في كل حادثة، الأصل بقاء ما كان على ما كان، حتى أعلم المزيل، سواء كان في نفي حكم، أو في ثبوته، فهو قريب من البراءة، إلا أنه يكون في الإثبات والنفي، وهي تختص بالنفي، ومقدماته التي ذكرناها تتحقق في علم الكلام، فلا بد من تحقيقها منه حتى يتم الاستدلال به.
وأما القياس: فعلى المستدل النظر والمطالعة في أدلة الفريقين من الأصحاب، المذكورة في الاصول، وهما الفريق القائل بالمنع من العمل به مطلقا، والفريق القائل بجواز العمل بمنصوص العلة منه، فإن أداه النظر إلى تقوية أدلة الأولين فلا كلام، إذ لا اعتبار به عنده، فلا يكون دليلا على شيء من الأحكام البتة، وتكون دلالة العقل منحصرة عنده في البراءة والاستصحاب، وإن أداه النظر إلى تقوية الأدلة في الآخرين، وجب عليه العمل بإثبات حكم الأصل المعلل- المعلوم علته بالنص- في الفرع على الشرائط المعتبرة فيه، المذكورة في كتب الاصول، ويكون عنده من جملة الأدلة المثبتة للأحكام، فتجب عليه معرفته، ومعرفة شرائطه وأركانه، والاحتراز عما ليس بمنصوص العلة منه، لاتفاق الأصحاب على المنع من العمل به.
وهاهنا دليلان آخران، زادهما بعض علمائنا المتأخرين في بعض مصنفاته، وجعلهما معدودين في أدلة العقل:
أحدهما: التخريج، وهو تعدية الحكم من منطوق به إلى مسكوت عنه، وعندي أنه نوع من القياس الجلي، اللهم إلا أن يقول إنه هو باب
Bogga 110