المسألة الرابعة والعشرون: في القسمة إلى هذه الثلاثة قال: وقد تؤخذ ذاتية فتكون القسمة حقيقية لا يمكن انقلابها.
أقول: إذا أخذنا الوجوب والامتناع والإمكان على أنها ذاتية لا بالنظر إلى الغير كانت المعقولات منقسمة إليها قسمة حقيقية أي تمنع الجمع والخلو وذلك لأن كل معقول على الاطلاق أما أن يكون واجب الوجود لذاته أو ممتنع الوجود لذاته أو ممكن الوجود لذاته لا يخلو عنها ولا يجتمع اثنان منها في واحد لاستحالة أن يكون شئ واحد واجبا لذاته وممتنعا لذاته أو واجبا لذاته وممكنا لذاته أو ممتنعا لذاته وممكنا لذاته فالقسمة حينئذ حقيقية (واعلم) أن القسمة الحقيقية قد تكون للكلي بفصول أو لوازم تميزه وتفصله إلى الأقسام المندرجة تحته وقد تكون بعوارض مفارقة والقسمة الأولى لا يمكن انقلابها ولا يصير أحد القسمين معروضا للمميز الآخر الذي به وقعت القسمة كقولنا الحيوان أما ناطق أو صامت فإن الحيوان بالناطق والصامت قد انقسم إلى الطبيعتين ويستحيل انقلاب هذه القسمة بمعنى أن الحيوان الذي هو ناطق يستحيل زوال النطق عنه وعروض الصمت له وكذا الحيوان الذي هو صامت وأما القسمة الثانية فيمكن انقلابها ويصير أحد القسمين معروضا للمميز الآخر الذي به وقعت القسمة كقولنا الحيوان أما متحرك أو ساكن فإن كل واحد من قسمي المتحرك والساكن قد يتصف بعارض الآخر فينقلب المتحرك ساكنا وبالعكس وقسمة المعقول بالوجوب الذاتي والامتناع الذاتي والإمكان الذاتي من قبيل القسم الأول لاستحالة انقلاب الواجب لذاته ممتنعا لذاته أو ممكنا لذاته وكذا الباقيان.
قال: وقد يؤخذ الأولان باعتبار الغير فالقسمة مانعة الجمع بينهما يمكن انقلابها ومانعة الخلو بين الثلاثة في الممكنات
Bogga 38