Kashifka Murugada
كشف الغمة
وقال معاوية لضرار بن ضمرة: صف لي عليا، قال: اعفني. قال: لتصفنه. قال:
أما إذا لا بد فإنه والله كان بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته، كان غزير الدمعة [1]، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب [2]، وكان فينا كأحدنا، مجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له، ويعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله [3]، وغارت نجومه، قابضا على لحيته، ويتململ تململ السليم [4]، ويبكى بكاء الحزين، وهو يقول: يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت أم إلي تشوقت؟ هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وخطرك كبير، وعيشك حقير، آه من قلة الزاد وبعد السفر، ووحشة الطريق. فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال:
حزن من ذبح ولدها بحجرها، فهي لا ترقى عبرتها ولا يسكن حزنها.
في بيعته (عليه السلام) وما جاء فيها
عن سعيد بن المسيب قال: لما قتل عثمان جاء الناس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى دخلوا داره فقالوا: نبايعك فمد يدك فلا بد للناس من أمير، فقال: ليس ذلك إليكم إنما ذلك لأهل بدر، فمن رضوا به فهو خليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى عليا (عليه السلام) وقالوا: ما نرى أحدا أحق بها منك فمد يدك نبايعك، فقال: أين طلحة والزبير، فكان أول من بايعه طلحة فبايعه بيده، وكانت أصبعه شلاء فتطير منها علي (عليه السلام) وقال: ما أخلفه أن ينكث، ثم بايعه الزبير وسعد وأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جميعا.
Bogga 95