ولما لبى دعوتها لزيارة شقتها في الدور الرابع من العمارة التي تقع الكرنك في أسفلها استقبلته استقبالا فاخرا، زينت حجرة الجلوس بالورود، ومدت مائدة حافلة وتصاعدت أنغام راقصة من جهاز تسجيل. وقد قالت لي بثقة: وهو يحبني أيضا، ثق من ذلك.
ثم قالت بجدية: ولكنه لا يدرك مدى حبي العظيم.
ثم بامتعاض: ولا يبعد أن يمضي يوما بلا رجعة.
وهزت منكبيها وتمتمت: حكاية قديمة لا جديد فيها. - تعرفين كل شيء ثم تصرين على المضي في طريقك. - قول سخيف يصلح شعارا للحياة.
فقلت باسما: أشكرك نيابة عن الأحياء. - ولكنه جاد وكريم، وهو أول من تحمس لمشروعي. - أي مشروع من فضلك؟ - كتابة مذكراتي، إني متحمسة لدرجة الهوس، ولم يعفني إلا عجزي عن الكتابة!
وبحماس أيضا: أيهتم حقا بالفن وتاريخه؟ - هذا جانب من الجوانب، أما الجوانب الأخرى فتدور حول رجال مصر ونسائها في حياتهم الخفية! - أناس العهد الماضي؟ - والحاضر! - فضائح وما أشبه ذلك؟ - لا تخلو أحيانا من فضائح، ولكن أهدافها أخطر من ذلك.
فقلت محذرا: إنه مشروع له خطورته.
فقالت باهتمام وفخار: وستقوم له القيامة عند نشره!
فقلت ضاحكا: هذا إذا قدر له النشر!
فتجهم وجهها وقالت: يمكن نشر الجزء الأول دون متاعب. - عظيم، ودعي الجزء الثاني للزمن.
Bog aan la aqoon