بواسطة الرأي قال الله تعالى
ﵟهل ينظرون إلا تأويلهﵞ
أي عاقبته وليس هذا كالمجمل إذا عرفت بعض وجوهه ببيان المجمل فإن يسمى مفسرا لأنه عرف بدليل قاطع فسمي مفسرا أي مكشوفا كشفا بلا شبهة مأخوذ من قولهم أسفر الصبح إذا أضاء إضاءة لا شبهة فيه وسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفت النقاب فيكون هذا اللفظ مقلوبا من التفسير وهذا معنى قول النبي عليه السلام من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار أي قضى تأويله واجتهاد على أنه مراد الله تعالى لأنه نصب نفسه صاحب وحي وفي هذا إبطال قول المعتزلة في أن كل مجتهد مصيب لأنه يصير الثابت بالاجتهاد تفسيرا وقطعا على حقيته مرادا وهذا باطل وأما القسم الثاني فإن الظاهر اسم لكل كلام ظهر المراد به للسامع بصيغته مثل قوله تعالى
ﵟفانكحوا ما طاب لكم من النساءﵞ
فإنه ظاهر في الإطلاق وقوله تعالى
ﵟوأحل الله البيعﵞ
هذا ظاهر في الاحلال وأما النص فما ازداد وضوحا على الظاهر بمعنى من المتكلم لا في نفس الصيغة مأخوذ من قولهم نصصت الدابة إذا استخرجت بتكلفك منها سيرا فوق سيرها المعتاد وسمى مجلس العروس منصة لأنه ازداد ظهورا على ساير المجالس بفضل تكلف اتصل به من جهة الواضع ومثاله قوله تعالى
ﵟفانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباعﵞ
فإن هذا ظاهر في الإطلاق نص في بيان العدد لأنه سيق الكلام للعدد وقصد به فازداد ظهورا على الأول بأن قصد به وسيق له ومثله قوله تعالى
ﵟوأحل الله البيع وحرم الرباﵞ
فانه ظاهر للتحليل والتحريم نص للفصل بين البيع والربا لانه سيق الكلام لاجله فازداد وضوحا بمعنى من المتكلم لا بمعنى في صيغته واما المفسر فما ازداد وضوحا على النص سواء كان بمعنى في النص أو بغيره بأن كان مجملا نلحقه بيان قاطع فأسند به التأويل أو كان عاما نلحقه ما انسد به باب التخصيص مأخوذا مما ذكرنا وذلك مثل قوله تعالى
ﵟفسجد الملائكة كلهم أجمعونﵞ
فان الملائكة جمع عام محتمل للتخصيص
Bogga 8