بالصوم لما قلنا من فوات صفة اليسر به فيجعل المال كالمعدوم وقال بعضهم بل يجب بالمال ولا يجزئه الصوم بخلاف الزكاة والفرق أن الزكاة وجبت بصفة اليسر وبشرط القدرة وبغنى الإغناء يقول النبي صلى الله عليه وسلم أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم وبقوله لا صدقة إلا عن ظهر غنى فهذا الإغناء وجب عبادة شكر النعمة الغنى فشرط الكمال في سببه ليستحق شكره فيكون الواجب شطرا من الكامل والدين يسقط الكمال ولا يعدم أصله ولهذا أحلت له الصدقة فلم يجب عليه الاغناء ولهذا لا يتأدى الزكاة إلا بعين متقومة واما الكفارة فلا تستغني عن شرط القدرة وعن قيام صفة اليسر في تلك القدرة إلا إنها لم تشرع للاغناء ألا ترى انها شرعت ساترة أو زاجرة لا امرا أصليا للفقير إغناء له ألا ترى انه يتأدى بالتحرير وبالصوم ولا اغناء فيهما لكن المقصود به نيل الثواب ليقابل بموجب الجناية وما يقع به كفاية الفقير في باب الكفارة يصلح سببا للثواب ولذلك يتأدى بالإباحة ولا اغناء يحصل بها فإذا لم يكن الاغناء مقصودا لم يشترط صفة الغنى في المخاطب بها بل القدرة واليسر بها شرط وذلك لا ينعدم بالدين ويتبين أنها لم يجب شكرا للغنى بل جزاء للفعل فلم يشترط كمال صفة الغنى إنما شرط أدنى ما يصلح لطلب الثواب واصل المال كاف لذلك وعلى هذا الأصل يخرج سقوط العشر بهلاك الخارج لأنه وجب بشرط القدرة الميسرة لأن القدرة على أداء العشر تستغني عن قيام تسعة الأعشار لكنه شرط ذلك لليسر ولم يجب إلا بأرض نامية بالخارج فشرط قيامه لبقاء صفة اليسر وكذلك الخراج يسقط إذا اصطلم الزرع آفة لأنه إنما وجب بصفة اليسر ألا ترى انه لا يجب إلا بسلامة الخارج إلا انه بطريق التقدير بالتمكن لكون الواجب من غير جنس الخارج وبدليل أن الخارج إذا قل حط الخراج إلى نصف الخارج ولما كان كذلك سقط بهلاك الخارج حتى لا ينقلب غرما محضا وهذا مخالف
Bogga 39