Kanz al-Fawaid
كنز الفوائد
قوله استحيوا من الله حق الحياء قيل له يا رسول الله انا لنستحيي فقال ليس كذلك من استحيي من الله حق الحياء فليحفظ الراس وما حوى والبطن وما وعى وليذكر الموت والبلى ومن اراد الاخرة ترك زينه الحياة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحيا وقال عليه السلام حب الدنيا راس كل خطيئة وقال انكم لا تنالون ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ولا تبلغون ما تأملون إلا بترك ما تشتهون (فصل من البيان والسؤال) ان سئل سائل عن اول ما فرض الله عليك فقل النظر المؤدي الى معرفته فإن قال لم زعمت ذلك فقل لانه سبحانه قد اوجب معرفته ولا سبيل الى معرفته الا بالنظر في الادلة المؤدية إليها فإن قال فإذا كانت المعرفة بالله عزوجل لا تدرك إلا بالنظر فقد حصل المقلد غير عارف بالله فقل هو ذاك فإن قال فيجب ان يكون جميع المقلدين في النار فقل ان العاقل المستطيع إذا اهمل النظر والاعتبار واقتصر على تقليد الناس فقد خالف الله تعالى وانصرف عن امره ومراده ولم يكفه تقليده في اداء فرضه واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه غير انا نرجو العفو عمن قلد الحق والتفضيل عليه ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولا نعتقده فيه وكل مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته ونهاية ادراكه وفطنته فاما المقصر الضعيف الذي ليس له استنباط صحيح فانه يجزيه التمسك في الجملة بظاهر ما عليه المسلمون فإن قال كيف يكون التقليد قبيحا من العقلاء المميزين وقد قلد الناس رسول الله صلى الله عليه واله فيما اخبر به عن رب العالمين ورضي بذلك عنهم ولم يكلفهم ما تدعون فقل معاذ الله ان نقول ذلك أو نذهب إليه ورسول الله صلى الله عليه واله لم يرض من الناس التقليد دون الاعتبار وما دعاهم الا الى الاستدلال ونبههم عليه بايات القرآن من قوله سبحانه وتعالى * (اولم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شئ) * الاعراف وقوله * (ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لاولى الالباب) * آل عمران وقوله * (وفي الأرض آيات للموقنين وفي انفسكم افلا تبصرون) * الذاريات وقوله * (افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الأرض كيف سطحت) * الغاشية ونحن نعلم انه ما اراد بذلك إلا نظر الاعتبار فلو كان عليه السلام انما دعى الناس الى التقليد ولم يرد منهم الاستدلال لم يكن معنى لنزول هذه الايات ولو اراد ان يصدقوه ويقبلوا قوله تقليدا بغير تأمل واعتبار لم يحتج الى ان يكون على يده ما ظهر
--- [ 99 ]
Bogga 98