Kanz al-Fawaid
كنز الفوائد
اشار إليها رسول الله صلى الله عليه واله فاتت لكانت تأتيه ايضا إذا اوما إليها وان هذه الاشياء تفعل بالطبع كما يفعل حجر المغناطيس في الحديد الجذب كلا والحمد لله ما يتصور هذا عاقل فإذ نظر واحسن تمام النظر أمر رسول الله صلى الله عليه واله وانتظام مراده الذي قصده وانه نشا بين قوم يتجاذبون العز والمنعة ويتنافسون في التقدمة والرفعة ويانفون من العار والشنعة ولا يعطون لاحد امره ولا طاعة فلم يزل بهم حتى قادهم الى امره وساقهم الى طاعته واستعبدهم بما لم يكونوا عرفوه وامرهم بهجران ما الفوه الى ان صاروا يبذلون انفسهم دون نفسه ويسلمون لقوله وياتمون لامره من غير ان كان له ملك خافوه ولا مال املوه تفتح له البلاد واذعن له ملوك العباد ونفذ امره في الانفس والاموال والحلائل والاولاد قالوا إنما تم له ذلك لانه فاق العالمين بكمال عقله وحسن تدبيره ورايه ولم يكن ذلك في أحد غيره ففضلوه بهذا ايضا على الخلق اجمعين واوجبوا له التقدم على العالمين فإذا سمعوا المشتهر من عدله ونصفته وحسن سيرته في امته ورعيته وانه كان لا يكلف احدا شيئا في ماله وإذا حصلت المغانم فرقها في امته وقنع من عيشه بدون كفايته هذا مع سخاوته وكرمه وايثاره على نفسه ووفائه بوعده وصدق لهجته واشتهاره منذ كان بامانته وشريف طريقته وحسن عفوه ومسامحته وجميل صبره وحلمه قالوا كان ازهد الناس واعلاهم قدرا في العدل والانصاف ولا طريق الى انكار احاطته بالفضائل الكرام والمناقب العظام ففضلوه في جميع هذه الامور على الخلق اجمعين واوجبوا له التقدم على العالمين فإذا قيل لهم فهذه العلوم العظيمة متى ادركها وفي أي زمان جمعها وتلقطها وأي قلب يعيها ويحفظها وهل راى قط بشر يحيط بجميع الفضائل ويتقدم العالمين كافة في سائر المناقب ويكون اوحد الخلق في كمال العقل والتمييز وثاقب الراي والتدبير مع نزاهه النفس وصفائها وجلالتها وشرفها وزهدها وفضلها وجودها وبذلها قالوا كانت له سعادات فلكية وعطايا نجومية فاق بها على جميع البرية قيل لهم فمن يكون بهذا الوصف العظيم والمحل الجليل كيف يستجيز عاقل مخالفته أو يسوغ له مباينته وبمن يقتدي افضل منه ومتى يكون مصيبا في الانصراف عنه بل كيف لا يرضى بعقل اعقل وياخذ العلم من اعلم الناس ويقتبس الحكمة من احكم الناس وما الفرق بينكم في قولكم ان هذه العطايا التي حصلت له إنما كانت فلكية ونجومية وبيننا إذا قلنا الهية ربانية وبعد فكيف يستجيز من يكون بهذا العقل الكامل والفضل الشامل والورع الظاهر والزهد الباهر والشرف العريق واللسان الصدوق ان يكذب
--- [ 91 ]
Bogga 90