Al-Kamil fi al-Taarikh
الكامل في التاريخ
Baare
عمر عبد السلام تدمري
Daabacaha
دار الكتاب العربي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
Noocyada
taariikh
السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَنَالُهُ الطَّيْرُ، وَدَخَلَ صَالِحٌ الْقَرْيَةَ، فَلَمَّا رَآهُ الْفَصِيلُ بَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ صَالِحًا فَرَغَا ثَلَاثًا، فَقَالَ صَالِحٌ: لِكُلِّ رَغْوَةٍ أَجَلُ يَوْمٍ ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود: ٦٥]، وَآيَةُ الْعَذَابِ أَنَّ وُجُوهَكُمْ تُصْبِحُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مُصْفَرَّةً، وَتُصْبِحُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مُحَمَّرَةً، وَتُصْبِحُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مُسْوَدَّةً. فَلَمَّا أَصْبَحُوا إِذَا وُجُوهُهُمْ كَأَنَّمَا طُلِيَتْ بِالْخَلُوقِ صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ، ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِذَا وُجُوهُهُمْ مُحَمَّرَةٌ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِذَا وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ كَأَنَّمَا طُلِيَتْ بِالْقَارِ، فَتَكَفَّنُوا وَتَحَنَّطُوا، وَكَانَ حَنُوطُهُمُ الصَّبْرَ، وَالْمُرَّ، وَكَانَتْ أَكْفَانُهُمُ الْأَنْطَاعَ، ثُمَّ أَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ إِلَى الْأَرْضِ فَجَعَلُوا يُقَلِّبُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يَدْرُونَ مِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَتَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِيهَا صَوْتٌ كَالصَّاعِقَةِ، فَتَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [هود: ٦٧] وَأَهْلَكَ اللَّهُ مَنْ كَانَ بَيْنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلًا كَانَ فِي الْحَرَمِ فَمَنَعَهُ الْحَرَمُ. قِيلَ: وَمَنْ هُوَ؟ قِيلَ: هُوَ أَبُو رِغَالٍ، وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ فِي قَوْلٍ.
وَلَمَّا سَارَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى تَبُوكَ أَتَى عَلَى قَرْيَةِ ثَمُودَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «لَا يَدْخُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْقَرْيَةَ وَلَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا، وَأَرَاهُمْ مُرْتَقَى الْفَصِيلِ فِي الْجَبَلِ، وَأَرَاهُمُ الْفَجَّ الَّذِي كَانَتِ النَّاقَةُ تَرِدُ مِنْهُ الْمَاءَ» .
وَأَمَّا صَالِحٌ ﵇ فَإِنَّهُ سَارَ إِلَى الشَّامِ، فَنَزَلَ فِلَسْطِينَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا يَعْبُدُ اللَّهَ حَتَّى مَاتَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ أَقَامَ فِي قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ عِشْرِينَ سَنَةً.
وَأَمَّا أَهْلُ التَّوْرَاةِ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا ذِكْرَ لِعَادٍ، وَهُودٍ، وَثَمُودَ، وَصَالِحٍ فِي التَّوْرَاةِ، قَالَ: وَأَمْرُهُمْ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ كَشُهْرَةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ﵇.
قُلْتُ: وَلَيْسَ إِنْكَارُهُمْ ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْكَارِهِمْ نُبُوَّةَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَرِسَالَتَهُ، وَكَذَلِكَ إِنْكَارِهِمْ حَالَ الْمَسِيحِ ﵇.
1 / 85