وروى الفراء في هذا الشعر:
إن الذين يسوغ في أحلاقهم
وإنما كان ينبغي أن يكون:: " في أحلقهم "كقولك: فلس وأفلس، وما أشبهه ولكنه شبه باب" فعلٍ" بباب" فعل"، كما قالو: زند وأزناد، وفرخ وافراخ، قال الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي١ الله عنه:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر
ففعلوا هذا تشبيها ًبباب" فعل" كما شبهوا فعلًا بفعلٍ في الجمع، فقالوا: جبلٌ وأجبلٌ، وزمن وأزمن، كما قال:
إني لأكني بأجبال عن أجبلها ... وباسم أودية حبًا لواديها
فأتي به على الأصل، وتشبيهًا بغيره على ما أخبرتك، قال ذو الرمة:
أمنزلتي مي سلام عليكما ... هل الأزمن الائي مضين رواجع!
والباب" أزمان" كما قال رؤبة:
أزمان لا أدري وإن سألت ... ما فرق بين جمعةٍ وسبت
وروى أبو العباس البيت الأخير مقوى، وجعله نكرة، وهو قوله: "من قدام" كما تقول: جئتك من قبلٍ، ومن بعد، ومنعلٍ، وما أشبه، كما قرأ بعضهم: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ ٢ كما تقول: أولًا وآخرًا، ورواه الفراء: "من قدام" وجعله معرفة، وأجراه مجرىالغايات، نحو: "قبل وبعد" كما قال طرفة بن العبد٣:
ثم تفري اللحم من تعدائها ... فهي من تحت مشيحات الحزم
وكما قيل عتي بن مالك العقيلي، أنشده الفراء أيضًا:
إذا أنا أومن عليك ولم يكن ... لقاؤك إلا من وراء وراء
_________
١ ر، س: "العمر ﵀".
٢ سورة الروم ٤.
٣ من ر، وعجز هذا البيت صدر لبيت آخر، ورواية الديوان ٥٩.
وخل الصنعة في مشتاتها ... فهي من تحت مشيحات الحزم
وتفرى اللحم من تعدائها ... وتعالى فهى قب كالعجم
1 / 54