إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... وأعرض عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشر في رأيه غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا
فهذا شأن الفتاك، وقال الآخر:
غلام إذا ما هم بالفتك لم يبل١ ... ألامت قليلًا أم كثيرًا عواذله
وقال آخر:
وما العجز إلا أن تشاور عاجزًا ... وما الحزم إلا أن تهم فتفعلا
فأما قول علي بن أبي طالب ﵁: من أكثر الفكرة في العواقب لم يشجع، فتأويله أنه من فكر في ظفر قرنه به، وعلوه عليه لم يقدم، وإنما كان الحزم عند علي ﵁ أن يحظر أمر الدين ثم لا يفكر في الموت. وقد قيل له: أتقتل أهل الشام بالغداة، وتظهر بالعشي في إزار ورداءٍ؟ فقال: أبالموت أخوف؟ والله ما أبالي أسقطت على الموت، أم سقط الموت علي.
وقال للحسن ابنه: لا تبدأ بدعاءٍ إلى مبارزةٍ، فإن دعيت إليها فأجب، فإن طالبها باغٍ، والباغي مصروع.
وكان عمر بن الخطاب ﵁ يلتف في كسائه، وينام ناحية المسجد، فلما ورد المرزبان٢ عليه جعلوا يسألون عنه. فيقال: مر ههنا آنفًا، فيصغر في القلب المرزبان إذ رآه كبعض السوق، حتى انتهى إليه، وهو نائم في ناحية المسجد، فقال المرزبان: هذا والله الملك الهنيء. يقول: لا يحتاج إلى أحراس ولا عددٍ، فلما جلس عمر امتلأ قلب العلج منه هيبة لما رأى عنده من الجد والاجتهاد، وألبس من هيبة التقوى.
للكلبي وقد سأله خالد القسري عن السؤدد
وقال الكلبي: قال لي خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرزٍ القسري: ما تعدون السؤدد؟ فقلت: أما في الجاهلية فالرياسة، وأما في الإسلام فالولاية،