وقال رحمة الله عليه في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) في الكلام على غزوة الطائف وما فيها من الفقه قال: وفيها أن لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا، فإنها شعائر الكفر والشرك، وهى أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة. وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل، لا يجوز إبقاء أي شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أو أعظم شركا عندها وبها. والله المستعان. ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق أو ترزق وتحي وتميت، وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما كان يفعله من المشركين اليوم عند طواغيتهم، فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة، أخذوا مأخذهم شبرا شبرا وذراع بذراع، وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم، وصار المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء، وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر واشتد اليأس. وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ولكن لا تزال طائفة من الأمة المحمدية قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. ومنها جواز صرف الإمام الأموال التي تصير إلى هذه المشاهد والطواغيت في الجهاد ومصالح المسلمين، كما أخذ النبي ﷺ أموال اللات وأعطاها أبا سفيان يتألفه بها وقضى منها دين عروة والأسود، وكذلك الحكم في أوقافها، فإن وقفها والوقف عليها باطل، ومال ضائع، فإن الوقف لا يصح إلا في قربة، وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الإسلام ومن أتبع سبيلهم. والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله تعالى. فتأمل رحمك الله تعالى هذا الكلام وما فيه من التصريح بأن هذا الذي يفعل عند المشاهد والقباب التي على القبور في كثير من البلدان أنه هو الشرك الأكبر
1 / 342