فصاعدًا، أي فلولا نفر من كل جماعة كثيرة جماعة قليلة، وللآية تأويلان:
أحدهما: أن النبي ﵇ إذا خرج للغزو كان المسلمون كلهم يرغبون في الخروج معه، فورد النهي عن الخروج جملة حفظًا لأهاليهم عن العدو؛ لأن العدو عسى أن يسبي أهاليهم عند غيبيتهم ويأخذ أموالهم.
والثاني: أن النبي ﵇ إذا قعد في المدينة وبعث السرايا إلى الآفاق كان يرغب المسلمون في الخروج مع السرايا جملة، فورد النهي عنه؛ لأنهم إذا خرجوا جملة لو نزل على رسول الله ﵇ شيء من الحكام لم يكن معه أحد يبلِّغه هو إلى من غاب وخرج إلى الغزو، فأمر بأن ينفر طائفة ويبقى طائفة؛ ليبلِّغ الشاهد الغائب ما نزل إليهم من القرآن.
فإن قيل: في هذه الآية نهى الكل عن أن ينفروا مع رسول الله ﵇ إلى الجهاد على ما ذكر في التأويل الأول، وأمر في الآية الأخرى بنفر الكل بقوله: ﴿انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ وقال: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾، وقال: ﴿فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا﴾.
قلنا: الجواب عنه من وجوه:
1 / 176